للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِوَرَثَتِهَا بَعْدَهَا كَذَلِكَ إذْ مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَارِثِهِ وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي جَوَابٍ لِأَبِي سَالِمٍ إبْرَاهِيمَ الْكَرْلَاتِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّذِي تَقَدَّمَتْ عِنْدَنَا بِهِ الْفَتْوَى بِالْحَضْرَةِ الْفَاسِيَّةِ أَمَّنَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِمَّنْ أَدْرَكْنَا مِنْ شُيُوخِنَا مُفْتِي الْمَغْرِبِ فِي حِينِهِ سَيِّدِي يَحْيَى وَشَيْخِنَا قَاضِي الْجَمَاعَةِ وَفِي حَيَاةِ سَيِّدِي عَبْدُ الْوَاحِدِ الْحُمَيْدِيُّ مِنْ بَعْدِهِمَا أَنَّ تَسْلِيمَ نِسَاءِ الْبَوَادِي لِإِخْوَانِهِنَّ وَهِبَتَهُنَّ وَتَمْنِيعَهُنَّ كُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ لَهُنَّ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِنَّ وَلِوَرَثَتِهِنَّ بَعْدَ مَمَاتِهِنَّ هَكَذَا شَاهَدْنَا فَتْوَاهُمَا بِخَتَلِهِمَا غَيْرَ مَا مَرَّةٍ وَسَمِعْنَا مِنْهُمَا فِي الْمَجَالِسِ مُشَافَهَةً كَذَلِكَ غَيْرَ مَا مَرَّةٍ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ لِأَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ إلَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِتَوْرِيثِ الْأَخَوَاتِ فِيهَا فَيَتَنَزَّلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْحَاضِرَةِ يَلْزَمُهُنَّ ذَلِكَ اهـ.

قُلْت قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ إلَخْ فِيهِ مَا يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ عَدَمُ تَوْرِيثِ النِّسَاءِ وَعَدَمُهَا، وَلَا يُنْظَرُ لِحَاضِرَةٍ، وَلَا بَادِيَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى الْمَازُونِيُّ فِي دُرَرِهِ الْمَكْنُونَةِ سُئِلَ سَيِّدِي أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ عَنْ أُخْتٍ بَاعَ أَخُوهَا نَصِيبَهُ وَنَصِيبَهَا وَسَكَتَتْ مُدَّةً طَوِيلَةً هَلْ لَهَا قِيَامٌ فِي اسْتِرْجَاعِ نَصِيبِهَا أَمْ لَا؟ وَهَلْ لَهَا مُطَالَبَةٌ بِمَا اُغْتُلَّ مِنْهُ؟ وَهَلْ تَرْجِعُ عَلَى أَخِيهَا بِمَا اغْتَلَّتْهُ مِنْ نَصِيبِهَا قَبْلَ بَيْعِهِ؟ فَأَجَابَ: أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ فِي مَسْأَلَةِ أُخْتٍ كَانَ أَخُوهَا يَغْتَلُّ نَصِيبَهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ أَنَّهَا تَأْخُذُ الْغَلَّةَ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْمُدَرِّسِينَ بِجِهَةٍ وَرُغْمَهُ يُفْتِي بِأَنْ لَا غَلَّةَ لَهَا حَتَّى سُئِلَ الْفَقِيهُ رَاشِدٌ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَى بِالْغَلَّةِ وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ فَأَفْتَى بِالْغَلَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ عَادَةَ نِسَاءِ الْبَادِيَةِ لَا يَطْلُبْنَ مِيرَاثَهُنَّ مِنْ قَرَابَتِهِنَّ، وَلَا يَطْلُبْنَ الْغَلَّةَ خَوْفًا مِنْ قَطْعِ رَحِمِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ إنْ طَلَبْنَهُ قَطَعَهُنَّ أَهْلُهُنَّ وَجَفَوْنَهُنَّ فَيَصِرْنَ بِذَلِكَ كَالْمَقْهُورَاتِ فَلَهُنَّ الْغَلَّةُ مَتَى قُمْنَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي أَجَازَ الْوَصِيَّةَ، وَهُوَ فِي عِيَالِ الْمُوصِي وَقَالَ بَعْدَ الْمَوْتِ خِفْت أَنْ يَمْنَعَنِي رِفْدَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ، وَأَمَّا إذَا بِيعَ النَّصِيبُ وَعَلِمْت بِهِ فَالشَّأْنُ أَنَّهُنَّ يَقُمْنَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَا يَسْكُتْنَ عَلَيْهِ فَيُعَدُّ سُكُوتُهُنَّ رِضًا إنْ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ مَانِعٌ قِيلَ لَهُ عَلَى هَذَا لَهُنَّ الْغَلَّةُ قَالَ لَهُنَّ الْغَلَّةُ مِثْلُ الْبَادِيَةِ، وَلَا فَرْقَ إذَنْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا هِيَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْمَنْقُولَةُ فِي نَوَازِلِ الِاسْتِحْقَاقِ الْمِعْيَارِ وَلَفْظُهُ وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ زَوْجَةً وَابْنًا كَبِيرًا وَابْنَةً صَغِيرَةً فَانْفَرَدَ بِمَا تَرَكَ أَبُوهُ مِنْ الرَّبْعِ بِغَلَّتِهِ نَحْوَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ عَامًا، ثُمَّ تُوُفِّيَ فَقَامَتْ أُخْتُهُ تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا مِنْ الرَّبْعِ وَمِمَّا اغْتَلَّهُ أَخُوهَا فِي الْمُدَّةِ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا شَرِيكَتُهُ فِي الْجَمِيعِ فَهَلْ يُحْكَمُ لَهَا بِنَصِيبِهَا مِنْهُ أَمْ لَا؟ لِأَنَّهَا كَانَتْ حَاضِرَةً تَنْظُرُ إلَى اغْتِلَالِهِ الرَّبْعَ، وَلَا تَطْلُبُهُ بِشَيْءٍ.

فَأَجَابَ: لَا يُبْطِلُ حَقَّهَا سُكُوتُهَا وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ إلَى وَفَاةِ أَخِيهَا وَطَلَبَتْ تَرِكَتَهُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الْغَلَّةِ زَادَ الْوَنْشَرِيسِيُّ قِيلَ لَمَّا تَقَرَّرَ فِي الْعَادَةِ أَنَّهَا لَا تَطْلُبُ أَخَاهَا وَأَنَّهَا غَيْرُ تَارِكَةٍ لِحَقِّهَا فَلِهَذَا لَا يُبْطِلُ حَقَّهَا مُضِيُّ الْمُدَّةِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا حِيَازَةُ الْأَقَارِبِ انْتَهَى، ثُمَّ قَالَ السَّلْجِمَاسِيُّ فِي شَرْحِ الْعَمَلِيَّاتِ الْفَاسِيَّةِ.

[وَهَبَ هِبَةً ثُمَّ رَجَعَ وَاعْتَذَرَ]

(تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ) : مَنْ وَهَبَ هِبَةً، ثُمَّ رَجَعَ وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ حَيَاءً فَظَاهِرُ مَا قَدَّمْنَا أَوَّلًا عَنْ نَوَازِلِ الْمَازُونِيِّ أَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ فِي الرُّجُوعِ وَكَذَا ظَاهِرُ مَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ لُبٍّ فِي مَسْأَلَةِ أَبَوَيْنِ نَحَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>