وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّارِئَةَ تُصَدَّقُ فِي الزَّوْجِيَّةِ وَلَا تُصَدَّقُ الْمُقِيمَةُ، وَكَذَلِكَ فِي دَعْوَاهَا أَنَّهَا دُونَ زَوْجٍ اهـ.
وَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيِّ وَسُئِلَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْمَرْأَةِ تَقْدَمُ الْمَدِينَةَ مَعَ الْحَاجِّ وَتَقُولُ خِفْت الْعَنَتَ وَأَرَدْت التَّزْوِيجَ وَلَا يُعْلَمُ هَلْ لَهَا زَوْجٌ أَمْ لَا إلَّا مِنْ قَوْلِهَا وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْقَدْرِ وَالْأَوْلِيَاءِ هَلْ يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) تُزَوَّجُ وَلَا تُطْلَبُ بِبَيِّنَةٍ بِأَنَّهُ لَا زَوْجَ لَهَا إذْ كَانَتْ غَرِيبَةً بَعِيدَةَ الْوَطَنِ وَأُحِبُّ سُؤَالَ أَهْلِ مَعْرِفَتِهَا وَبَلَدِهَا مِمَّنْ مَعَهَا فِي الرُّفْقَةِ سُؤَالًا مِنْ غَيْرِ تَكْلِيفٍ شَهَادَةٌ، فَإِنْ اسْتَرَابَ تَرَكَ تَزْوِيجَهَا وَإِلَّا زَوَّجَهَا وَلَيْسَتْ كَمَنْ مَكَانُهَا قَرِيبٌ ابْنُ دَحُونٍ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ أَصْلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ لِمَا يُتَّقَى مِنْ زَوْجٍ يَكُونُ لَهَا، فَإِذَا ظَهَرَ خِلَافُ قَوْلِهَا لَمْ يُزَوِّجْهَا وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يَأْتِي بِامْرَأَةٍ وَمَعَهُ صَدَاقُهَا فَيَقُولُ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِي هَذَا الصَّدَاقِ، وَأَنَّهُ حَقٌّ قِبَلِي لِزَوْجَتِي هَذِهِ، وَقَدْ ضَاعَ صَدَاقُهَا فَقَالَ مَالِكٌ إنْ أَتَى بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ عَلَى أَصْلِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا فَلْيَشْهَدْ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِمَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِئَلَّا يَكُونَ نِكَاحًا بِغَيْرِ وَلِيٍّ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْغُرَبَاءِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمِنْهُ قَالَ الْغَرْنَاطِيُّ فِي وَثَائِقِهِ فِي تَجْدِيدِ الصَّدَاقِ يَذْكُرُ إشْهَادَ الزَّوْجِ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ زَوْجَتَهُ ذَكَرَتْ تَلَفَ صَدَاقِهَا وَسَأَلَتْ تَجْدِيدَهُ وَأَجَابَتْهُ إلَى ذَلِكَ وَإِقْرَارُهُ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ وَتَضْمِينُهُ مَعْرِفَةَ الزَّوْجِيَّةِ وَاتِّصَالِهَا إلَى حِينِ الْإِشْهَادِ فِي غَيْرِ الْغَرِيبِينَ وَيَذْكُرُ إشْهَادَ الْمَرْأَةِ عَلَى نَفْسِهَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي التَّالِفِ غَيْرُ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا وَسُئِلَ أَبُو عِمْرَانَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَقْدَمُ بَلَدًا وَلَا يَدْرِي مِنْ أَيْنَ قَدِمَتْ وَلَا مَنْ هِيَ فَتَطْلُبُ التَّزْوِيجَ فَهَلْ يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ بِغَيْرِ إثْبَاتٍ مُوجِبٍ، وَكَذَا لَوْ زَعَمَتْ أَنَّ لَهَا زَوْجًا مَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَأَجَابَ إنْ كَانَ الْبَلَدُ قَرِيبًا كَتَبَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا يَتَعَذَّرُ وُصُولُ الْجَوَابِ إلَيْهِ، أَوْ يَكُونُ بَعْدَ أَزْمِنَةٍ طَوِيلَةٍ خَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا تُرِيدُهُ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبَهَا.
ثُمَّ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَسُئِلَ ابْنُ الضَّابِطِ عَنْ غَرِيبَةٍ ذَكَرَتْ أَنَّهَا مِنْ الْجَبَلِ لَهَا بِصَفَاقُسَ سَنَةٌ وَنِصْفٌ، وَلَمْ يَرَ جِيرَانُهَا مِنْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا وَيَخْرُجُ وَذَكَرَتْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا زَوْجٌ وَأَرَادَتْ إذْنَ الْقَاضِي فِي تَزْوِيجِهَا وَهِيَ وَضِيعَةٌ.
(فَأَجَابَ) إذَا كَشَفَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْجِيرَانِ عَنْ حَالِهَا وَذَكَرُوا صِدْقَهَا فِيمَا ادَّعَتْ زُوِّجَتْ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآله وَسَلَّمَ.
[تَزَوَّجَ بِكْرًا وَوَطِئَهَا فَأَفْضَاهَا فَمَاذَا يَلْزَمُهُ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا وَوَطِئَهَا فَأَفْضَاهَا فَمَاذَا يَلْزَمُهُ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَهَا بِذَلِكَ عِنْدَ الْأَزْوَاجِ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَاسْتَظْهَرَ فِي تَوْضِيحِهِ لُزُومَ الدِّيَةِ بِالْأَوْلَى مِنْ الشَّفْرَيْنِ وَلَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ الْمَهْرِ كَالْبَكَارَةِ بِغَيْرِ الذَّكَرِ إلَّا الزَّوْجُ بَنَى فَتَنْدَرِجُ فِي جَمِيعِ الْمَهْرِ اهـ مَجْمُوعُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْإِفْضَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَمَحَلِّ الْجِمَاعِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ مَا شَأْنُهَا بِالِاجْتِهَادِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَجْنَبِيَّةٍ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِهِ، وَإِنْ جَاوَزَتْ الثُّلُثَ مَعَ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَالْحَدِّ، وَلَوْ فَعَلَهُ بِزَوْجَتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ، فَعَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ وَمَعْنَى الْحُكُومَةِ هُنَا أَنْ يُغَرَّمَ مَا شَأْنُهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ بِأَنْ يُقَالُ مَا صَدَاقُهَا عَلَى أَنَّهَا مُفْضَاةٌ وَمَا صَدَاقُهَا عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُفْضَاةٍ وَيُغَرَّمُ النَّقْصَ وَلَا يَنْدَرِجُ الْإِفْضَاءُ تَحْتَ مَهْرٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الزَّوْجِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ اغْتَصَبَهَا بِخِلَافِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الْغَاصِبِ، فَإِنَّهَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ الْمَهْرِ إذْ لَا يُمْكِنُ الْوَطْءُ إلَّا بِزَوَالِهَا فَهِيَ مِنْ لَوَاحِقِ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الْإِفْضَاءِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُزِيلَ الْبَكَارَةَ بِأُصْبُعِهِ، فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَنْدَرِجُ وَالزَّوْجُ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ الَّتِي أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ انْتَهَى خَرَشِيٌّ قَالَ الْعَدَوِيُّ قَوْلُهُ وَإِفْضَاءٌ أَيْ وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ فِي إفْضَاءٍ، وَكَذَا اخْتِلَاطُ مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ حَيْثُ لَمْ تَمُتْ وَفِي الْحَطَّابِ مَا نَصُّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute