حَتَّى يَقْدُمَ اهـ.
وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ سَوَاءً قَالَ " إنْ "، أَوْ " إذَا " عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ، وَإِذَا جَازَ هَذَا فِي الْعِتْقِ فِي الْتِزَامِ الصَّدَقَةِ فَالْهِبَةُ مِنْ بَابٍ أَحْرَى، وَهَذَا بَيِّنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ تَرَكَتْ زَوْجَهَا وَوَلَدًا وَبِنْتًا مِنْهُ وَأَبًا وَتَرَكَتْ مَتَاعًا وَحُلِيًّا وَصَدَاقًا عَلَى زَوْجِهَا]
(فَرْعٌ) وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا وَقَعَ فِي أَوَّلِ رَسْمِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ فِي امْرَأَةٍ تَرَكَتْ زَوْجَهَا وَوَلَدَهَا وَبِنْتًا مِنْهُ وَأَبَاهَا وَتَرَكَتْ مَتَاعًا وَحُلِيًّا وَصَدَاقًا عَلَى زَوْجِهَا فَقَالَ أَبُوهَا لِلزَّوْجِ إنْ تَصَدَّقْت بِنِصَابِك مِنْهَا مِنْ صَدَاقِهَا وَحُلِيِّهَا وَمَتَاعٍ وَغَيْرِهِ عَلَى وَلَدَيْهَا فَمِيرَاثِي مِنْهَا فِي جَمِيعِ مَا تَرَكْت صَدَقَةٌ عَلَيْهِمَا فَقَالَ الزَّوْجُ تَصَدَّقْت بِجَمِيعِ نِصَابِي عَلَيْهِمَا وَأَشْهَدُ لَهُمَا بِذَلِكَ فَمَاتَ الْجَدُّ، وَهُوَ أَبُو الزَّوْجَةِ وَمَاتَ أَبُو الْوَلَدَيْنِ وَالصَّبِيَّانِ طِفْلَانِ وَالْمَتَاعُ وَالْحُلِيُّ وَجَمِيعُ مَا تَرَكَتْ بِيَدِ أَبِيهِمَا وَالصَّدَاقُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَمَّا مَا تَرَكَتْ مِنْ الْمَتَاعِ وَالْحُلِيِّ فَهُوَ لَهُمَا؛ لِأَنَّ حَوْزَ أَبِيهِمَا لَهُمَا حَوْزٌ، وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَلَيْسَ لَهُمَا مِنْهُ شَيْءٌ لَا مِنْ نَصِيبِ جَدِّهِمَا وَلَا مِنْ نَصِيبِ أَبِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْجَدَّ إنَّمَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِمَا عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ أَبُوهُمَا عَلَيْهِمَا، فَإِذَا لَمْ يَتَصَدَّقْ أَبُوهُمَا عَلَيْهِمَا فَلَيْسَ لَهُمَا مِنْ صَدَقَةِ جَدِّهِمَا شَيْءٌ إذْ لَمْ يَعْزِلْ ذَلِكَ لَهُمَا الْأَبُ وَيَجْعَلْهُ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ بِنَاضٍّ لَمْ تَجُزْ صَدَقَتُهُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ الصَّدَاقُ عَرَضًا مَضْمُونًا لَمْ يَجُزْ لَهُمَا مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِمَا بِعَبْدٍ مَوْصُوفٍ، أَوْ سِلْعَةٍ مَوْصُوفَةٍ لَيْسَتْ بِعَيْنِهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهَا لَهُمَا لَمْ يَجُزْ لَهُمَا مِنْهُ شَيْءٌ.
وَلَوْ كَانَ لِلْأَبِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ عَبْدٌ مَوْصُوفٌ فَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى ابْنِهِ جَازَتْ صَدَقَتُهُ، قَبَضَهَا أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مَاتَ وَقَبِلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ أَمَّا مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ حَظِّهِ الَّذِي يَجِبُ لَهُ بِالْمِيرَاثِ مِنْ الصَّدَاقِ الَّذِي عَلَيْهِ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرَضًا فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ إذَا مَاتَ الْأَبُ، وَهُوَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ إذْ لَا يَكُونُ حَائِزًا لِابْنِهِ مَا هُوَ فِي ذِمَّتِهِ. فَلَوْ قَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي وَهَبَتْ لِابْنِي كَذَا وَكَذَا دِينَارًا أَوْجَبْتهَا فِي ذِمَّتِي لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَكَانَتْ بَاطِلًا إذَا مَاتَ وَهِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُحْضِرَهَا ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي كَوْنِهِ لَا بُدَّ مِنْ جَعْلِهِ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ، أَوْ يَكْفِي الطَّبْعَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِثْلُهُ مَا فِي أَوَّلِ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ فِي رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَقَالَ لَهُ إنْ تَصَدَّقْت عَلَى ابْنِك بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَعَشَرَتِي الَّتِي عَلَيْك صَدَقَةٌ عَلَيْهِ فَقَالَ الْأَبُ اشْهَدُوا أَنِّي تَصَدَّقْت عَلَى ابْنِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَابْنُهُ صَغِيرٌ، وَلَمْ يُخْرِجْهَا حَتَّى مَاتَ قَالَ ذَلِكَ بَاطِلٌ وَتَرْجِعُ أَنْتَ فِي عَشَرَتِك؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَمْ يُفْرِزْ الْعَشَرَةَ، وَلَمْ يُخْرِجْهَا، وَلَوْ وَضَعَهَا عَلَى يَدِ عَدْلٍ لَمْ يَكُنْ لَك أَنْ تَرْجِعَ وَكَانَتْ لِلِابْنِ وَقَبِلَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute