لَهُ إذْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ قَتْلِ الْعَبْدِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ؛ لِأَنَّ لُزُومَ إسْقَاطِ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اهـ.
(الثَّانِي) قَالَ فِي النَّوَادِرِ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ قَالَ عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ أَنْكَحَ عَبْدَهُ حُرَّةً عَلَى أَنْ لَا تَبَاعَةَ لَهَا فِيمَا شَجَّهَا بِهِ إنْ شَجَّهَا فَلَا يَجُوزُ هَذَا وَلَهَا طَلَبُ حَقِّهَا اهـ.
قُلْت: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ يُقَالُ إنَّهَا مُعَارِضَةٌ لِمَسْأَلَةِ قَطْعِ الْيَدِ لَكِنْ إنَّمَا سَرَى ذَلِكَ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ فِي مُخْتَصَرِهِ إنْ قَتَلْتنِي، فَقَدْ أَبْرَأْتُك فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ مَسْأَلَةَ قَطْعِ الْيَدِ هِيَ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ لَهُ: إنْ قَطَعْت يَدِي، فَقَدْ أَبْرَأْتُك، وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالنَّوَادِرِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ قَطْعِ الْيَدِ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدِي فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَمْ تَأْذَنْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا فِي أَنْ يَشُجَّهَا، وَإِنَّمَا أَشْهَدَتْ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ فَلَا تَبَاعَةَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا أَضْعَفُ مِنْ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[إذَا عَفَا عَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ جُرْحُهُ]
(الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) إذَا عَفَا عَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ جُرْحُهُ تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّامِنَةِ فِي إسْقَاطِ الْمَرْأَةِ نَفَقَتَهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا عَنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا فَعَفَا عَنْهُ ثُمَّ مَاتَ مِنْهَا فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ بِقَسَامَةٍ إنْ كَانَ عَفْوُهُ عَنْ الْيَدِ لَا عَنْ النَّفْسِ وَلِلْمَقْتُولِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا، وَكَذَلِكَ فِي الْخَطَأ إنْ حَمَلَ ذَلِكَ الثُّلُثُ.
الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إنْ قَالَ عَفَوْت عَنْ الْيَدِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ قَالَ عَفَوْت عَنْ الْيَدِ وَمَا تَرَامَى إلَيْهِ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ قَالَ عَفَوْت فَقَطْ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَفَا عَمَّا وَجَبَ لَهُ فِي الْحَالِ، وَهُوَ قَطْعُ الْيَدِ اهـ.
وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الدِّيَاتِ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: وَمَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَعَفَا عَنْهُ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْقَطْعِ، فَإِنْ عَفَا عَنْ الْجُرْحِ لَا عَنْ النَّفْسِ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ مِنْ النَّفْسِ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأ وَذَلِكَ بِقَسَامَةٍ قَالَ أَشْهَبُ وَلَوْ قَالَ فِي عَفْوِهِ عَفَوْت عَنْ الْجُرْحِ وَعَنْ كُلِّ مَا تَرَامَى إلَيْهِ فَذَلِكَ لَازِمٌ وَلَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ إذَا خَرَجَتْ الدِّيَةُ مِنْ ثُلُثِهِ وَقَالَ بَعْدَهُ فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنْ الدِّيَاتِ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَإِذَا عَفَا الْمَجْرُوحُ عَنْ جُرْحِهِ الْعَمْدِ ثُمَّ نَزَّى فِيهِ فَمَاتَ فَلِأَوْلِيَائِهِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْفُ عَنْ النَّفْسِ قَالَ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَقُولَ: عَفَوْت عَنْ الْجُرْحِ وَعَمَّا تَرَامَى إلَيْهِ فَيَكُونُ عَفْوًا عَنْ النَّفْسِ اهـ. وَقَالَ قَبْلَهُ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَقْتُولِ يَعْفُو عَنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا فِي وَصِيَّتِهِ فَذَلِكَ لَهُ دُونَ أَوْلِيَائِهِ قَالَ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ إلَّا فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَيَجُوزُ عَفْوُ الْمَقْتُولِ عَنْ دَمِهِ، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ وَلِيُّهُ، وَكَذَلِكَ لَا قَوْلَ لِغُرَمَائِهِ، وَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ اهـ.
وَلَمْ يَحْكُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute