للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ عَدَّ دَرَاهِمَ فِي مَوْضِعٍ فَوَجَدَهَا نَاقِصَةً عَمَّا يَعْلَمُ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ سُرِقَ مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ثُمَّ عَدَّهَا ثَانِيًا فَوَجَدَهَا تَامَّةً لَا نَقْصَ بِهَا فَمَا الْحُكْمُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كَانَ حِينَ الْحَلِفِ جَازِمًا بِأَنَّهُ سُرِقَ مِنْهَا أَوْ ظَانًّا ذَلِكَ أَوْ شَاكًّا فِيهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ كَانَتْ نَاقِصَةً فَقَدْ سُرِقَ مِنْهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِنْ كَانَ حِينَ الْحَلِفِ جَازِمًا بِعَدَمِ السَّرِقَةِ مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَوْ ظَانًّا ذَلِكَ، وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ مَسْأَلَةِ مَنْ دَفَنَ مَالًا فِي مَوْضِعٍ، وَبَحَثَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَجِدْهُ فِيهِ فَحَلَفَ أَنَّ زَوْجَتَهُ مَثَلًا أَخَذَتْهُ، ثُمَّ وَجَدَهُ مَكَانَهُ الَّتِي ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ بِقَوْلِهِ، وَلَا إنْ دَفَنَ مَالًا فَلَمْ يَجِدْهُ، ثُمَّ وَجَدَهُ مَكَانَهُ فِي أَخَذْتِيهِ قَالَ: الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَفَنَ مَالًا ثُمَّ طَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ نَاسِيًا لِمَكَانِهِ الَّذِي دَفَنَهُ فِيهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَنَّ زَوْجَتَهُ أَخَذَتْهُ ثُمَّ أَمْعَنَ النَّظَرَ ثَانِيًا فَوَجَدَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي دَفَنَهُ فِيهِ وَأَوْلَى غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ إنْ كَانَ الْمَالُ ذَهَبَ فَمَا أَخَذَهُ إلَّا أَنْتِ، وَلَمْ يَذْهَبْ، وَهَذَا وَاضِحٌ حَيْثُ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أَخَذَتْهُ، وَإِلَّا فَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ انْتَهَى.

قَالَ: الْعَدَوِيُّ حَاصِلُهُ أَنَّهُ تَارَةً يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ، وَتَارَةً يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ فِي مَحَلِّهِ، وَتَارَةً يَتَبَيَّنُ أَنَّ الَّذِي أَخَذَهُ غَيْرُهَا، وَتَارَةً لَا يَتَبَيَّنُ شَيْءٌ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ بِمَوْضِعِهِ أَوْ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ فَإِنْ كَانَ حِينَ الْحَلِفِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أَخَذَتْهُ أَوْ ظَانًّا أَوْ شَاكًّا فَلَا حِنْثَ كَانَتْ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ جَازِمًا بِعَدَمِ الْأَخْذِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ أَوْ أَنَّهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَغَمُوسٌ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ غَيْرَهَا أَخَذَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ حِينَ الْحَلِفِ جَازِمًا بِعَدَمِ الْأَخْذِ أَوْ شَاكًّا أَوْ ظَانًّا فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَلَا كَفَّارَةَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لِكَوْنِهِ غَمُوسًا، وَإِنْ كَانَ حِينَ الْيَمِينِ جَازِمًا بِالْأَخْذِ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَلَا حِنْثَ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ كَطَلَاقٍ، وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ غَيْرَهَا أَخَذَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَا كَفَّارَةَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لِكَوْنِهِ لَغْوًا انْتَهَى بِتَصَرُّفٍ، وَقَدْ لَخَصَّ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ فَقَالَ: وَلَا إنْ دَفَنَ مَالًا فَلَمْ يَجِدْهُ فَحَلَفَ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا أَخَذَتْهُ الْمُرَادُ بِالِاعْتِقَادِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ، وَإِلَّا فَغَمُوسٌ، وَلَزِمَ غَيْرُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ ثُمَّ، وَجَدَهُ مَكَانَهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ كَانَ ذَهَبَ فَقَدْ أَخَذْتِيهِ، وَأَوْلَى إنْ وَجَدَهُ عِنْدَهَا فَإِنْ وَجَدَهُ عِنْدَ غَيْرِهَا فَلَغْوٌ لَا يُفِيدُ إلَّا فِي اللَّهِ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[رَجُل قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلَسْت لِي عَلَى ذِمَّةٍ وَفَعَلَتْ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلَسْت لِي عَلَى ذِمَّةٍ، وَفَعَلَتْ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَمْ أَرَ نَصًّا لِلْمُتَقَدِّمِينَ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ، وَلَكِنَّهَا أَقْرَبُ شَيْءٍ لِصِيغَةِ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ بِهَا الثَّلَاثُ مَعَ التَّعْلِيقِ وَإِرَادَةِ الطَّلَاقِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَنَوَى بِيَمِينٍ فِيهِ، وَفِي عَدَدِهِ فِي لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ فَالثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهُ اهـ.

فَيَكُونُ اللَّازِمُ لِهَذَا الطَّلَاقِ الثَّلَاثَ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا ذَكَرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِ مَشَايِخِي الدُّسُوقِيِّ قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ لَسْت لِي عَلَى ذِمَّةٍ، وَأَنْتِ خَالِصَةٌ لَا نَصَّ فِيهِمَا، وَقَدْ اخْتَلَفَ اسْتِظْهَارُ الْأَشْيَاخِ فِي اللَّازِمِ بِهِمَا فَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ لُزُومَ طَلْقَةٍ بَائِنَةٍ، وَاسْتَظْهَرَ الدَّرْدِيرُ لُزُومَ الثَّلَاثِ، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ خَالِصَةً يَمِينُ سَفَهٍ، وَلَسْت لِي عَلَى ذِمَّةٍ فِي عُرْفِ مِصْرَ بِمَنْزِلَةِ فَارَقْتُك يَلْزَمُ فِيهِ طَلْقَةٌ إلَّا لِنِيَّةٍ أَكْثَرَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَغَيْرِهَا، وَأَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَبَائِنَةٌ فِي غَيْرِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>