وَأَمَّا الْمُكَاتَبُونَ فَيُخْرِجُ ثُلُثَ قِيمَةِ كِتَابَتِهِمْ فَإِنْ رَقُّوا يَوْمًا مَا نُظِرَ لَقِيمَةِ رِقَابِهِمْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ كِتَابَتِهِمْ يَوْمَ أَخْرَجَ ذَلِكَ فَلْيُخْرِجْ ثُلُثَ الْفَضْلِ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ ثُلُثَ مَالِهِ حَتَّى ضَاعَ مَالُهُ كُلُّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَرَّطَ أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ ذَلِكَ فِي يَمِينٍ فَحَنِثَ فَلَمْ يُخْرِجْ ثُلُثَهُ حَتَّى تَلِفَ جُلُّ مَالِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا إخْرَاجُ ثُلُثِ مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَى صَدَقَةِ ثُلُثِ مَالِهِ. عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ إخْرَاجُ جَمِيعِ مَالِهِ يُرِيدُ أَنَّ تَعْيِينَهُ لِلصَّدَقَةِ بِهِ عَلَى رَجُلٍ كَمَا لَوْ عَيَّنَ شَيْئًا فَجَعَلَهُ صَدَقَةً أَنَّهُ يُخْرِجُهُ كُلَّهُ وَلَوْ كَانَ جَمِيعَ مَالِهِ. قَالَ وَيُتْرَكُ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ يُتْرَكُ لِمَنْ فَلِسَ مَا يَعِيشُ بِهِ هُوَ وَأَهْلُهُ الْأَيَّامَ ابْنُ الْمَوَّازِ كَالشَّهْرِ ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ النُّذُورِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ النُّذُورِ الْبَاجِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لَوْ امْتَنَعَ مَنْ جَعَلَ مَا لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ إخْرَاجِ ثُلُثِهِ إنْ كَانَ لِمُعَيَّنٍ أُجْبِرَ عَلَيْهِ وَلِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فِي جَبْرِهِ عَلَيْهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ طَلَبَهُ مُعَيَّنٌ وَيَلْزَمُهُ فِي الزَّكَاةِ.
وَأَجَابَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ لَهَا طَالِبًا مُعَيَّنًا وَهُوَ الْإِمَامُ اهـ.
[الْوَفَاءُ بِنَذْرِ الْعِتْقِ]
(فَرْعٌ) يَجِبُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِ الْعِتْقِ، وَلَا يَقْضِي بِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَنْذُورُ عِتْقُهُ مُعَيَّنًا كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَ عَبْدِي فُلَانًا. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ، وَلَا يَقْضِي إلَّا بِالْبَتِّ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي يَجِبُ الْعِتْقُ بِالنَّذْرِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَلِّقًا كَقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ لَا كَقَوْلِهِ عَلَيَّ لِلَّهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» ، وَلَا يُقْضَى إلَّا بِالْبَتِّ أَيْ إذَا بَتَلَ الْعِتْقَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يَعْنِي نُسَخَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَا يُقْضَى إلَّا بِالْبَيِّنَةِ أَيْ فِي النَّذْرَ الْمُعَلَّقِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِنْثُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَقَعَتْ فِي أَوَّلِ عِتْقِ الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا عَلَى اخْتِصَارِ ابْنِ يُونُسَ وَمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقِيقِي هَؤُلَاءِ فَلْيَفِ بِمَا وَعَدَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهُمْ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهِمْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عِدَةٌ جَعَلَهَا لِلَّهِ مِنْ عَمَلِ الْبِرِّ فَيُؤْمَرُ بِهَا، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يُعْتِقُهُمْ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ أَنْ لَوْ حَلَفَ بِعِتْقِهِمْ فَحَنِثَ أَوْ أَبَتَّ عِتْقَهُمْ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ نَذْرًا أَوْ مَوْعِدًا فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ أَنْ يَفِيَ بِهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقِيقِي فَأُمِرَ بِعِتْقِهِمْ وَقَالَ لَا أَفْعَلُ قُضِيَ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِمْ، وَإِنْ قَالَ أَفْعَلُ يُتْرَكُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ لَمْ يُعْتَقُوا عَلَيْهِ فِي ثُلُثٍ، وَلَا غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَقْرَبُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ بِذَلِكَ وَهُوَ مُعَيَّنٌ، وَلَا سِيَّمَا وَذَلِكَ الْحَقِّ عِتْقٌ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ إلَيْهِ اهـ. كَلَامُ صَاحِبِ التَّوْضِيحِ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِهِ وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ اهـ.
قَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَيْمَانُ بِالْعِتْقِ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا وَالْوَصِيَّةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute