بِمِصْرَ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
وَيَجِبُ تَقْيِيدُ هَذَا الْجَوَابِ بِمَا إذَا بَيَّنَ الْمِلْكِيَّةَ أَمَّا إنْ بَيَّنَ التَّحْبِيسَ أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا فَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَقْفٌ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا حَقَّ فِيهِمَا لِوَرَثَةِ الْبَانِي وَالْغَارِسِ فَلَا يَرِثُونَهُمَا عَنْهُ، وَلَا تُوَفَّى مِنْهُمَا دُيُونُهُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَإِنْ بَنَى مُحْبَسٌ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيَّنْ فَهُوَ وَقْفٌ قَالَ الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِ رِيعٌ مَثَلًا فَبَنَى فِيهِ بُنْيَانًا فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ حَبْسٌ أَوْ مِلْكٌ عَمِلَ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حَبْسٌ، وَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ فِيهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَقَوْلُهُ فَهُوَ وَقْفٌ أَيْ لِلْوَاقِفِ لَا يُقَالُ إنَّهُ وَقْفٌ غَيْرُ مَحُوزٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ إنَّمَا بَنَى لِلْوَاقِفِ وَمَلَكَهُ فَهُوَ مَحُوزٌ بِحَوْزِ الْأَصْلِ وَمَفْهُومُ مُحْبَسٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ بَنَى الْأَجْنَبِيُّ فِي الْوَقْفِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مِلْكًا كَمَا فِي النَّوَادِرِ وَالْغَرْسُ كَالْبِنَاءِ، وَإِذَا كَانَ مِلْكًا لَهُ فَلَهُ نَقْضُهُ أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا إنْ كَانَ فِي الْوَاقِفِ مَا يَدْفَعُ مِنْهُ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا بَنَاهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَاقِفُ وَإِلَّا فَيُوَفِّي مِنْ الْغَلَّةِ قَطْعًا بِمَنْزِلَةِ مَا بَنَاهُ الْمُنَاظِرُ انْتَهَى. قَالَ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ قَوْلُهُ مُحْبَسٌ عَلَيْهِ أَيْ بِالشَّخْصِ أَوْ بِوَصْفٍ كَإِمَامِهِ. قَوْلُهُ فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ حَبْسٌ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ قَوْلُهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ حَبْسٌ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لِوَرَثَتِهِ قَوْلُهُ وَمَلَكَهُ فِعْلٌ مَاضٍ أَيْ مَلَكَ الْوَاقِفُ مَا بَنَاهُ. قَوْلُهُ فَلَهُ نَقْضُهُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ إصْلَاحَ بَيْتٍ نَحْوُ إمَامٍ عَلَى الْوَقْفِ لَا عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَأَخْرَجَ السَّاكِنَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لِلسُّكْنَى لِيُكْرِيَ لَهُ لِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْوَقْفِ رِيعٌ يُبْنَى مِنْهُ، قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ مَا بَنَاهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا خُصُوصِ مَا يَلِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ.
[وُقِفَ عَلَيْهِ كُتُبٌ يُنْتَفَعُ بِهَا فَهَلْ لَهُ إعَارَتُهَا أَمْ لَا]
(وَسُئِلَ أَبُو الْإِرْشَادِ الْعَلَّامَةُ سَيِّدِي عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) عَمَّنْ وُقِفَ عَلَيْهِ كُتُبٌ يُنْتَفَعُ بِهَا فَهَلْ لَهُ إعَارَتُهَا أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إعَارَتُهَا، وَأَمَّا إنْ وَقَفَهَا لِانْتِفَاعِ النَّاسِ بِهَا فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْهَا كِتَابًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهُ، وَلَكِنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ كَمَا وَقَعَ ذَلِكَ لِلْبَرْزَلِيِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَإِخْوَتِهِ كُتُبًا، ثُمَّ إنَّ شَخْصًا عَالِمًا يُسَمَّى عَبْدَ الرَّحْمَنِ الشَّوْبَرِيَّ حَكَمَ بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ فَأَجَازَ الْكِبَارُ الْوَقْفَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى أَعْمَامِهِمْ وَبِيعَتْ حِصَّةُ الصِّغَارِ مِنْ الْكُتُبِ، ثُمَّ مَاتَ الْكِبَارُ وَالْأَعْمَامُ وَلَهُمْ أَوْلَادٌ وَطَلَبَ أَوْلَادُ الْوَاقِفِ الصِّغَارُ أَخْذَ الْوَقْفِ مِنْ بَنِي إخْوَتِهِمْ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَا يَشْتَغِلُونَ بِعِلْمٍ وَيُخَافُ عَلَى الْكُتُبِ مِنْهُمْ وَفِي أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ مَنْ يَشْتَغِلُ بِالْعِلْمِ وَيَنْفَعُ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ لِلْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يُقَدَّمُ عَلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ أَمْ لَا وَهَلْ حُكْمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) الْحُكْمُ الْوَاقِعُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَيْثُ كَانَ الْوَاقِفُ فِي الصِّحَّةِ لَا وَجْهَ لَهُ وَحَيْثُ كَانَ يُخَافُ عَلَى الْكُتُبِ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَنْزِعُهَا مِنْهُمْ وَيَجْعَلُهَا بِيَدِ مَنْ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا وَأَوْلَادُ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادُ الْإِخْوَةِ أَوْلَى مِنْ الْأَجَانِبِ إذَا كَانُوا مَأْمُونِينَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الْأَرْضِ الْمُحْبَسَةِ الَّتِي أَبْطَلَ الْحَاكِمُ تَحْبِيسَهَا وَرَدَّهَا لِلدِّيوَانِ هَلْ لَا يُعْتَبَرُ إبْطَالُهُ وَتَكُونُ بَاقِيَةً عَلَى تَحْبِيسِهَا لَا تُبَاعُ، وَلَا تُرْهَنُ، وَلَا تُورَثُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ أَرْضُ مِصْرَ الصَّالِحَةُ لِزِرَاعَةِ الْحَبِّ وَأَرْضُ الدُّورِ وُقِفَتْ بِمُجَرَّدِ فَتْحِهَا عَنْوَةً قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ كَمِصْرِ وَالْوَقْفُ لَا يُوقَفُ إنَّمَا يُوقَفُ الْمَمْلُوكُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ فَالْأَرْضُ لَيْسَتْ مُحْبَسَةً تَحْبِيسًا آخَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute