وَتَزَوَّجَتْ رَجُلًا وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةَ الْأَوْلَادِ أَجَلًا مَعْلُومًا أَوْ بَعْدَ تَطَوُّعٍ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ وَأَرَادَتْ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ عَلَى أَبِيهِمْ فَوَقَعَتْ الْفُتْيَا إنْ كَانَ ذَلِكَ مَكْتُوبًا مِنْ حُقُوقِهَا بِحَيْثُ لَهَا الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ وَإِسْقَاطُهُ لِزَوْجِهَا فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِنَفَقَتِهِمْ عَلَى أَبِيهِمْ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِلْوَلَدِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى أَبِيهِ بِشَيْءٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْأُصُولِ وَهُوَ شَيْءٌ وُهِبَ لِلْوَلَدِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ، وَالْأَوَّلُ مَالٌ وُهِبَ لِأُمِّهِ فَإِذَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى الْوَلَدِ رَجَعَتْ بِهِ عَلَى أَبِيهِ اهـ.
قُلْت وَلِلْأَبِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ إنْفَاقِ الزَّوْجِ عَلَى الْوَلَدِ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ مَنْ حَلَفَ لَا آكُلُ لِفُلَانٍ طَعَامًا فَدَخَلَ ابْنُ الْحَالِفِ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَأَعْطَاهُ خُبْزًا. . . إلَخْ وَهَذَا وَاضِحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْتَزَمَ نَفَقَةَ مَنْ لَيْسَ بِقَرِيبِهِ كَالرَّبِيبِ أَوْ مِنْ قَرِيبٍ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ شَرْحِ الرِّسَالَةِ مَنْ الْتَزَمَ نَفَقَةَ مَنْ لَيْسَ بِقَرِيبِهِ كَالرَّبِيبِ أَوْ مِنْ قَرِيبٍ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِالْأَصَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ بِاتِّفَاقٍ.
[زَوَّجَ عَبْدَهُ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ]
(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ هَلْ تُوقَفُ تَرِكَتُهُ لِذَلِكَ وَكَيْفَ إنْ كَانَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ.
فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي تَرِكَةِ السَّيِّدِ إنْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ، وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ مَا دَامَ حَيًّا وَبَعْدَ الْمَوْتِ هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ وَلَوْ شُرِطَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ كَانَ فَاسِدًا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ، وَقِيلَ لَا يُفْسَخُ قَبْلُ إذَا أُسْقِطَ الشَّرْطُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ الْغَرَرُ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِصْمَةِ رَجَعَتْ عَلَى الْعَبْدِ لَجَازَ وَلَوْ اخْتَلَفَا هَلْ كَانَ شَرْطًا أَوْ تَطَوُّعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى الشَّرْطَ لِشَهَادَةِ الْعُرْفَ لَهُ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ سِلْعَةً سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي شَرْطِ النَّفَقَةِ فِي النِّكَاحِ عَلَى أَبِي الصَّغِيرِ حَتَّى يَبْلُغَ وَوَلِيِّ السَّفِيهِ حَتَّى يَرْشُدَ فَأَجَازَهُ مَرَّةً وَكَرِهَهُ أُخْرَى وَقَالَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ إجَازَةَ ذَلِكَ وَزَادَ لُزُومُ ذَلِكَ مَا عَاشَ الْأَبُ وَالزَّوْجُ مَوْلًى عَلَيْهِ وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إنْ لَمْ يَقَعْ بَيَانٌ إنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ أَوْ الْوَلِيُّ قَبْلَ رُشْدِ الْيَتِيمِ فَسَقَطَتْ النَّفَقَةُ بِمَوْتِهِمَا هَلْ تَعُودُ فِي مَالِهِ أَوْ مَالِ الْيَتِيمِ أَوْ تَعُودُ عَلَيْهِمَا إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَرُشْدِ الْيَتِيمِ، فَإِنْ شُرِطَ عُودُهَا فِي مَالِهِمَا جَازَ النِّكَاحُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ شُرِطَ سُقُوطُهَا إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَرُشْدِ الْيَتِيمِ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا الْخُلْفُ إنْ وَقَعَ النِّكَاحُ مُبْهَمًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ دَخَلَ جَازَ وَكَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ هُوَ بِالْمَهْرِ الْمُسَمَّى أَوْ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ.
قُلْت وَالْقَوْلُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ وَفَسْخِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute