سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْعٌ وَسَلَفٌ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ بَيْعًا، وَتَارَةً يَكُونُ سَلَفًا لَا أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي الْفَوَاتِ بَلْ فِيهِ الْقِيمَةُ مَا بَلَغَتْ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ انْتَهَى. (وَقَالَ) ابْنُ سَلْمُونٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ قَدْ قِيلَ إنَّ بَيْعَ الثُّنْيَا فَاسِدٌ مَرْدُودٌ أَبَدًا فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ لِأَنَّهُ حَرَامٌ مُحَرَّمٌ، وَهُوَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا تُرَدُّ فِيهِ الْبِيَاعَاتُ وَالصَّدَقَاتُ وَالْأَحْبَاسُ فَإِنْ وَقَعَ إلَى أَجَلٍ كَانَ فِيهِ الْكِرَاءُ لِأَنَّهُ كَالرَّهْنِ، وَإِنْ وَقَعَ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ فَلَا كِرَاءَ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ كَانَ إلَى أَجَلٍ أَوْ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ عِنْدَهُمْ، وَبِذَلِكَ الْعَمَلُ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ أَصْلَ الشِّرَاءِ كَانَ رَهْنًا، وَإِنَّمَا عَقَدَا فِيهِ الْبَيْعَ لِتَسْقُطَ الْحِيَازَةُ فِيهِ، وَثَبَتَ ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِمَا عِنْدَ الشُّهُودِ حِينَ الصَّفْقَةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَقَبَضَ الْمُبْتَاعُ الْمِلْكَ، وَاغْتَلَّهُ ثُمَّ عَثَرَ عَلَى فَسَادِهِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، وَيُرَدُّ الْأَصْلُ مَعَ الْغَلَّةِ إلَى صَاحِبِهِ، وَيَسْتَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ ثَمَنَهُ انْتَهَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ
[بَيْعُ دَابَّةٍ أَمَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ]
(مَا قَوْلُكُمْ دَامَ فَضْلُكُمْ) فِي تَحْقِيقِ مَسْأَلَةٍ تَنَازَعَ فِيهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ بَيْعُ دَابَّةٍ أَمَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ الَّذِي عَدَّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ، وَفَرَّعَ عَلَيْهِ الْخَرَشِيُّ مُضِيَّهُ بِالْقِيمَةِ إذَا فَاتَ، وَاسْتَظْهَرَ الْعَدَوِيُّ مُضِيَّهُ بِالثَّمَنِ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَالْأَمِيرُ بِالْقِيمَةِ لِئَلَّا يَسْتَضِرَّ الْمُشْتَرِي، وَيَأْكُلَ الْبَائِعُ مَا زَادَهُ لِلْحَمْلِ بَاطِلًا إذَا ظَهَرَ عَدَمُهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْحَقُّ مَا قَالَهُ الْعَدَوِيُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْحَقُّ مَا قَالَهُ الْأَمِيرُ فَمَا هُوَ التَّحْقِيقُ عِنْدَكُمْ فِيهَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْهَادِي لِلصَّوَابِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَسَائِرِ الْأَحْبَابِ قَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْجَارِيَةِ الَّتِي يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا الْحَمْلُ عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ الْبَقَرَةِ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى ذَلِكَ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ، وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ إذَا ظَهَرَ الْحَمْلُ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ، وَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا الْفِعْلِ فَوَجَدَهَا غَيْرَ حَامِلٍ فَقَالَ أَشْهَبُ يَرُدُّهَا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ إنْ بَاعَهَا، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهَا حَامِلٌ فَإِذَا هِيَ غَيْرُ حَامِلٍ فَلَا يَرُدُّهَا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ بِمَعْرِفَتِهِ أَنَّ الْفَحْلَ يَنْزُو عَلَيْهَا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِأَنَّهُ غَرَّهُ، وَأَطْعَمَهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ رَفِيعَةً يُنْقِصُهَا الْحَمْلُ فَبَاعَهَا عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ، وَهِيَ ظَاهِرَةُ الْحَمْلِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى التَّبَرِّي انْتَهَى بِلَفْظِهِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ فَقَالَ أَشْهَبُ يَرُدُّهَا أَيْ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ تَمَسَّكَ بِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَقَدْ أَجْرَاهُ عَلَى حُكْمِ الْعَيْبِ، وَيُعْلَمُ مِنْهَا أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ يُحَطُّ عَنْهُ مَا زَادَ لِلْحَمْلِ، وَقَوْلُهُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ إنْ بَاعَهَا، وَهُوَ أَيْ الْبَائِعُ يَظُنُّ أَنَّهَا حَامِلٌ فَإِذَا هِيَ غَيْرُ حَامِلٍ فَلَا يَرُدُّهَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُحَطُّ عَنْهُ مَا زَادَهُ لِلْحَمْلِ، وَلَعَلَّهُ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ، وَعِنْدَ الْبَائِعِ بِظَنِّهِ الْحَمْلَ، وَإِذَا لَزِمَتْهُ مَعَ الْقِيَامِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَأَوْلَى مَعَ الْفَوَاتِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ أَشْهَبَ وَابْنَ أَبِي حَازِمٍ يَتَّفِقَانِ عَلَى مُضِيِّ الْبَيْعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إذَا وُجِدَ الْحَمْلُ، وَعَلَى إجْرَائِهِ عَلَى حُكْمِ الْعَيْبِ إذَا لَمْ يُوجَدْ، وَعَلِمَ الْبَائِعُ بِعَدَمِهِ، وَاخْتَلَفَا إذَا لَمْ يُوجَدْ، وَقَدْ كَانَ الْبَائِعُ ظَنَّ وُجُودَهُ فَأَجْرَاهُ أَشْهَبُ عَلَى حُكْمِ الْعَيْبِ، وَأَلْغَاهُ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ هَذَا، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ ابْنِ زَرْقُونٍ: وَالتَّوْضِيحِ تَفْرِيعٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ.
وَفِي نَقْلِ الْبَدْرِ عَنْ حلولو فَسْخُ الْبَيْعِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ: وَنَصُّ الْمَقْصُودِ مِنْهُ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَيَنْفَسِخُ إنْ وَقَعَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمَشْهُورُ انْتَهَى، وَنَحْوُهُ لِابْنِ النَّاظِمِ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ: وَيَشْمَلُهُ عُمُومُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute