للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ وَلِئَلَّا يَتَسَارَعَ النَّاسُ إلَى إفْسَادِ الزَّوْجَاتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَأْبِيدٌ مُقَيَّدٌ بِدَوَامِ أَثَرِ الْإِفْسَادِ لَا إنْ طَالَ الزَّمَنُ جِدًّا وَطَلَّقَهَا الْأَوَّلُ بِاخْتِيَارِهِ، أَوْ مَاتَ عَنْهَا قَالَهُ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْجَمْع بَيْن الْمَرْأَة وَبِنْت بِنْت أخيها]

وَسُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا نَصُّهُ (مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ مُتَزَوِّجٌ بِمَرْأَةٍ اسْمُهَا آمِنَةُ وَلَهَا أَخٌ مِنْ أُمِّهَا وَلَهُ بِنْتٌ وَلَهَا بِنْتٌ اسْمُهَا زَنُوبَةُ فَهَلْ لِمُحَمَّدٍ الْجَمْعُ بَيْنَ آمِنَةَ وَزَنُوبَةَ الَّتِي هِيَ بِنْتُ بِنْتِ أَخِي آمِنَةَ أَمْ لَا أُفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِ بِنْتِ أَخِيهَا وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ إنْ وَقَعَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(فِي الْبُرْزُلِيِّ) وَسُئِلَ يَعْنِي ابْنَ أَبِي زَيْدٍ عَنْ صَبِيٍّ مُهْمَلٍ يَتِيمٍ عَقَدَ عَلَيْهِ صِهْرُهُ وَأَجْنَبِيُّونَ نِكَاحًا فَلَمَّا بَلَغَ رَضِيَ هَلْ يُقِرُّ هَذَا النِّكَاحُ، أَوْ لَا وَكَيْفَ لَوْ جَهِلَ فَرَضِيَ ثُمَّ أَنْكَرَ، أَوْ أَنْكَرَ ثُمَّ رَضِيَ هَلْ يَصِحُّ هَذَا النِّكَاحُ أَمْ لَا.

فَأَجَابَ بِأَنَّ رِضَاهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَا يَجُوزُ كَانَ عَالِمًا أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ قُلْت: كَالنِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ لِاخْتِلَالِ أَحَدِ الْأَرْكَانِ، وَهُوَ رِضَا الزَّوْجِ فِي وَقْتٍ يَقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ وَسَوَاءٌ زُوِّجَ بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فِي وَقْتِ صِبَاهُ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ اهـ.

وَقَدْ كُنْت أَجَبْت بِمِثْلِ هَذَا الْجَوَابِ عَنْ مِثْلِ هَذَا السُّؤَالِ وَأَثْبَتهمَا فِي بَابِ الْوَكَالَةِ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ

(وَفِي الْعَمَلِيَّاتِ الْفَاسِيَّةِ مَا نَصُّهُ) :

وَأَبْدَوْا التَّحْرِيمَ فِي مُخَلَّقٍ ... وَهَارِبٍ سِيَّانِ فِي مُحَقَّقٍ

قَالَ شَارِحُهَا هَذَا أَيْضًا مِمَّا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِفَاسَ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ خَلَقَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَيْ أَفْسَدَهَا عَلَيْهِ وَوَسْوَسَ إلَيْهَا فِي السِّرِّ حَتَّى نَشَزَتْ عَلَيْهِ فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ، فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى مُخَلِّقِهَا وَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَمَا قِيلَ فِي النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ.

[رَجُل خَبَّبَ عَلَى رَجُلٍ امْرَأَتَهُ حَتَّى طَلَّقَهَا فَلَمَّا تَمَّتْ الْعِدَّةُ خَطَبَهَا الْمُتَّهَمُ بِتَخْبِيبِهَا]

فَفِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ عَنْ رَجُلٍ خَبَبَ عَلَى رَجُلٍ امْرَأَتَهُ حَتَّى طَلَّقَهَا فَلَمَّا تَمَّتْ الْعِدَّةُ خَطَبَهَا الْمُتَّهَمُ بِتَخَبِّيهَا فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ نِكَاحِهَا إنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالسَّمَاعِ الْفَاشِيِّ فَقَالَ يُمْنَعُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا.

قَالَ ابْنُ هِلَالٍ حَكَى أَبُو الْحَسَنِ فِي التَّقْيِيدِ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُحَلِّلْ الْمَبْتُوتَةَ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ الْخِلَافُ فِي تَأْبِيدِ تَحْرِيمِهَا عَلَى الْمُحَلِّلِ وَقَالَ الْأَبِيُّ اُنْظُرْ مَا يُتَّفَقُ كَثِيرًا أَنْ يَسْعَى إنْسَانٌ فِي فِرَاقِ زَوْجَةٍ مِنْ زَوْجِهَا هَلْ يُمْكِنُ مِنْ تَزَوُّجِهَا إذَا ثَبَتَ سَعْيُهُ فِي ذَلِكَ فَأَفْتَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَنَقَلَ مَنْ يُوثَقُ بِهِ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ وَافَقَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ لِمَا فِيهِ مِنْ سَدِّ الْفَسَادِ وَاسْتَظْهَرَ الْفَسْخَ قَبْلَ الْبَاءِ وَبَعْدِهِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْعَقْدِ.

وَحَكَى الشَّيْخُ ابْنُ نَاجِي فِيمَا عَلَّقَهُ عَلَى التَّهْذِيبِ أَنَّ شَيْخَهُ أَبَا يَعْقُوبَ يُوسُفَ الزَّغَبِيَّ أَفْتَى أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ مِنْهُ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا، فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ، وَأَنَّ الشَّيْخَ أَبَا مَهْدِيٍّ عِيسَى الْغُبْرِينِيَّ سَبَقَتْ فَتْوَاهُ بِذَلِكَ فَمَنَعَهَا الْقَاضِي مِنْ التَّزْوِيجِ مِنْهُ فَتَزَوَّجَهَا فِي غَيْرِ الْبَلَدِ وَرَجَعَ بِهَا فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ اهـ.

وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا نَصُّهُ ذَكَرَ الْأَبِيُّ مَسْأَلَةً مَنْ أَفْسَدَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ يُفْسَخُ، وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ، فَإِنَّهُ نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَنْ سَعَى فِي فِرَاقِ امْرَأَةٍ لِيَتَزَوَّجَهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ تَزْوِيجِهَا وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ بِهَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ اهـ.

وَذَكَرَ الزَّرْقَانِيُّ الْقَوْلَيْنِ التَّأْبِيدَ كَمَا فِي سَيِّدِي يُوسُفَ بْنِ عَمْرٍو عَدَمَهُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ الْأَبِيُّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ اسْتِظْهَارَ فَسْخِهِ بَعْدَهُ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ لَا يَقْتَضِي تَأْبِيدَ حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ اهـ.

وَفِي حَاشِيَةِ الْفِيشِيِّ مَا نَصُّهُ، وَمَنْ أَفْسَدَ زَوْجَةَ رَجُلٍ عَلَيْهِ حَتَّى طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فُسِخَ نِكَاحُهُ وَلَا يَتَأَبَّدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>