لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهَذَا الِالْتِزَامِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقَضَاءِ بِهِ، فَإِذَا أَرَادَ الْمُلْتَزِمُ السَّفَرَ وَشَرَعَ فِي أَسْبَابِهِ فَهَلْ لِلْمُلْتَزَمِ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمَا الْتَزَمَهُ، أَوْ بِتَوْكِيلِ وَكِيلٍ يَدْفَعُهُ عَنْهُ إذَا سَافَرَ، أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُوبُ الشَّيْءِ الْمُلْتَزَمِ بِهِ إلَّا بَعْدَ سَفَرِهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْبَلَدِ، أَوْ حُدُوثِ عَائِقٍ لَهُ عَنْ السَّفَرِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَقَالَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ بِالْوَكِيلِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمِدْيَانِ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ وَكَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ إذَا أَرَادَ زَوْجُهَا السَّفَرَ وَطَلَبَتْهُ بِالنَّفَقَةِ.
[فَرْعٌ حَكَمَ الْحَاكِمُ الْمَالِكِيُّ بِمُوجِبِ الِالْتِزَامِ]
(فَرْعٌ) إذَا قُلْنَا إنَّ الِالْتِزَامَ الْمُعَلَّقَ عَلَى فِعْلِ الْمُلْتَزِمِ الَّذِي عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ لَا يُقْضَى بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّةِ الِالْتِزَامِ الْمَذْكُورِ حَاكِمٌ أَمَّا إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ، أَوْ بِلُزُومِهِ، فَقَدْ تَعَيَّنَ الْحُكْمُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إذَا حَكَمَ بِقَوْلٍ لَزِمَ الْعَمَلُ بِهِ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيهَا إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ الْمَالِكِيُّ بِمُوجِبِ الِالْتِزَامِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْحُكْمُ بِلُزُومِهِ، وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ حُكْمٌ بِمُوجَبِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ عَدَمُ اللُّزُومِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ إنْ كَانَ الْقَاضِي الْحَاكِمُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ اللُّزُومَ لِمُوجَبٍ رَجَّحَ عِنْدَهُ الْقَوْلَ الَّذِي حَكَمَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي جَاهِلًا، أَوْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى حُكْمِهِ وَيُطْرَحُ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي حَيًّا سُئِلَ عَنْ مُرَادِهِ وَيُعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِ، وَهَذَا أَيْضًا فِيمَا عَدَا مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِمَّا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْمُخَاطَرَةِ، فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِي عَدَمِ لُزُومِهِ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الِالْتِزَامِ الْمُعَلَّقِ عَلَى فِعْلِ الْمُلْتَزَمِ لَهُ وَهُوَ أَنْوَاعٍ]
[النَّوْعُ الْأَوَّلُ الِالْتِزَامُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي لَيْسَ بِاخْتِيَارِيٍّ]
الْبَابُ الثَّالِثُ
فِي الِالْتِزَامِ الْمُعَلَّقِ عَلَى فِعْلِ الْمُلْتَزَمِ لَهُ بِفَتْحِ الزَّايِ
وَهُوَ عَلَى سَبْعَةِ أَنْوَاعٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ إمَّا أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارِيًّا، أَوْ غَيْرَ اخْتِيَارِيٍّ وَالِاخْتِيَارِيُّ إمَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا، أَوْ حَرَامًا، أَوْ جَائِزًا وَالْجَائِزُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ، أَوْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَاَلَّذِي فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ فِيهِ لِلْمُلْتَزِمِ بِكَسْرِ الزَّايِ، أَوْ لِلْمُلْتَزَمِ لَهُ بِفَتْحِ الزَّايِ، أَوْ لِغَيْرِهِمَا.
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الِالْتِزَامُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي لَيْسَ بِاخْتِيَارِيٍّ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَلَدْتِ غُلَامًا فَلَكَ كَذَا وَكَذَا وَحُكْمُهُ إذَا وَجَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ حُكْمَ الِالْتِزَامِ الْمُطْلَقِ فِي اللُّزُومِ وَالْقَضَاءِ بِهِ قَالَ فِي رَسْمِ سَلَفٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ وَلَدْتِ غُلَامًا فَلَكَ مِائَةُ دِينَارٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute