الرَّهْنِ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الرَّهْنِ إذَا تَلِفَ، أَوْ حُكْمَ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضَا الرَّاهِنِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ سَيِّدِي خَلِيلٍ فِي مُخْتَصَرِهِ الرَّهْنُ بَذْلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا يُبَاعُ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا وَهَلْ تَكْفِي بَيِّنَةٌ عَلَى الْحَوْزِ وَبِهِ عُمِلَ، أَوْ عَلَى التَّحْوِيزِ انْتَهَى.
وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ الرَّهْنُ كَالْبَيْعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَقَالَ سَيِّدِي عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ فِي فَتَاوِيهِ الرُّكْنُ الْخَامِسُ الصِّيغَةُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهَا لَفْظُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بَلْ يَقُومُ مَقَامَهُ كُلُّ مَا شَارَكَهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَفْهُومِ مِنْهُ انْتَهَى.
[ادَّعَى وَكِيلُ الْوَكِيلِ سَرِقَةَ الرَّهْنِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ أَوْ وَكِيلُهُ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَوَكَّلَ رَجُلًا عَلَى اقْتِضَاءِ دَيْنِهِ فَأَخَذَ الْوَكِيلُ رَهْنًا يُغَابُ عَلَيْهِ وَأَرَادَ السَّفَرَ فَوَضَعَهُ عِنْدَ آخَرَ مَعَ وَثِيقَةِ الدَّيْنِ وَقَالَ أَنْتَ بِمَنْزِلَتِي فِي خَلَاصِ الدَّيْنِ ثُمَّ ادَّعَى وَكِيلُ الْوَكِيلِ سَرِقَةَ الرَّهْنِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ، أَوْ وَكِيلُهُ، أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يَضْمَنُهُ وَكِيلُ الْوَكِيلِ حَيْثُ لَمْ تَشْهَدْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى سَرِقَةِ الرَّهْنِ لَا الْوَكِيلُ وَلَا رَبُّ الدَّيْنِ لِعَدَمِ حِيَازَتِهِمَا لِلرَّهْنِ وَعُذِرَ الْوَكِيلُ بِالسَّفَرِ فَيَغْرَمُ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ لِرَبِّهِ وَيَتْبَعُ وَكِيلُ الْوَكِيلِ بِقِيمَةِ رَهْنِهِ أَوْ مِثْلِهِ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا فِي نَوَازِلِ الْأُجْهُورِيِّ وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَكَّلَ آخَرَ فِي قَبْضِ دَرَاهِمَ لَهُ عَلَى آخَرَ فَتَعَذَّرَ ذَهَابُ الْوَكِيلِ لَهُ فَوَكَّلَ آخَرَ عَلَى قَبْضِهَا فَخَلَّصَهَا وَدَفَعَهَا لِآخَرَ لِيُوصِلَهَا لِرَبِّهَا فَصَرَّهَا فِي صُرَّةٍ وَوَضَعَهَا فِي جِرَابٍ مَعَ دَرَاهِمِهِ، وَوَضَعَهُ فِي الْمَرْكَبِ الَّتِي يُرِيدُ يُسَافِرُ فِيهَا وَلَمْ يَنَمْ فِيهَا فَضَاعَ الْجِرَابُ فَهَلْ تَلْزَمُهُ وَيُعَدُّ مُفَرِّطًا أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ: يَضْمَنُ الْوَكِيلُ الثَّالِثُ حَيْثُ كَانَ وَضْعُهُ لَهَا فِي الْمَرْكَبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ خِلَافَ مَا يُفْعَلُ فِي مِثْلِهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى.
[لِلرَّاهِنِ أَنْ يُحَاسِبَ الْمُرْتَهِنَ بِمَا أَكَلَهُ مِنْ ثَمَرَةِ الرَّهْنِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ رَهَنَ نَخْلَةً أَوْ نَبْقَةً تَحْتَ يَدِ آخَرَ وَصَارَ الْمُرْتَهِنُ يَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِهَا فَهَلْ لِلرَّاهِنِ أَنْ يُحَاسِبَهُ بِمَا أَكَلَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَيُسْقِطَ مِنْ الدَّيْنِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لِلرَّاهِنِ أَنْ يُحَاسِبَ الْمُرْتَهِنَ بِمَا أَكَلَهُ مِنْ ثَمَرَةِ الرَّهْنِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا أَكَلَهُ إنْ عَلِمَ قَدْرَهُ وَبِقِيمَتِهِ إنْ جَهِلَ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ الْمِثْلَ لَا يَصِحُّ إسْقَاطُهُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْقِيمَةُ يَصِحُّ إسْقَاطُهَا مِنْهُ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُرْتَهِنُ أَكْلَ الثَّمَرَةِ فِي عَقْدِ الْمُدَايِنَةِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا لَهُ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ هَدِيَّةِ الْمَدِينِ، أَوْ اشْتَرَطَهُ مَجَّانًا فِي عَقْدِ الْقَرْضِ لِمَا تَقَدَّمَ، أَوْ مَحْسُوبًا مِنْ الدَّيْنِ فِيهِ لِاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ بِشَرْطٍ، أَوْ اشْتَرَطَهُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ مُطْلَقًا إذَا كَانَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، أَوْ بَعْدَهُ وَاشْتَرَطَ أَكْلَ ثَمَرِهِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَالْمُشْتَرَطُ الثَّمَرَةُ الَّتِي بَدَا صَلَاحُهَا خَاصَّةً جَازَ مُطْلَقًا أَيْ مَجَّانًا وَمَحْسُوبًا مِنْ الدَّيْنِ قَالَ سَيِّدِي عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْمُرْتَهِنِ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ فِي قَرْضٍ، أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ حَيْثُ وَقَعَ الِاشْتِرَاطُ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ وَعَقْدِ الْقَرْضِ وَكَذَا إنْ وَقَعَ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ وَأَمَّا إنْ وَقَعَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَيَجُوزُ حَيْثُ عُيِّنَتْ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ بَيْعُ الثَّمَنِ قَبْلَ طِيبِهِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَمَنْ ارْتَهَنَ شَجَرًا وَاشْتَرَطَ ثَمَرَةَ ذَلِكَ الْعَامِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ سَلَفٍ لَمْ يَجُزْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute