لَهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْضِعِهَا أَوْ عَلِمَ، وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ اهـ
وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ مُشْبِهًا فِي ذَلِكَ كَهَارِبَةٍ بِوَلَدِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي قَاصِرٍ مَاتَ أَبُوهُ، وَقَدْ أَوْصَى عَلَيْهِ وَصِيًّا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَأَرَادَتْ حَاضِنَتُهُ السَّفَرَ بِهِ إلَى طَرَابُلُسَ الْغَرْبِ لِطَلَبِ مِيرَاثِهَا فِيهَا، وَالْتَزَمَتْ بِنَفَقَتِهِ، وَبَقَاءِ مَالِهِ بِيَدِ وَصِيِّهِ فَمَنَعَهَا الْوَصِيُّ مِنْ السَّفَرِ بِهِ فَمَا الْحُكْمُ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِلْوَصِيِّ مَنْعُهَا مِنْ السَّفَرِ بِهِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الْعَدَوِيُّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قَرُبَ الْمَوْضِعَ كَالْبَرِيدِ، وَنَحْوِهِ فَلَهَا أَخْذُهُ فِي سَفَرِ التِّجَارَةِ، وَنَحْوِهَا لَا إنْ بَعُدَ فَلَا تَأْخُذُهُ، وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَتُهَا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لِلْأُمِّ أَنْ تَنْتَقِلَ بِالْوَلَدِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ وَالِدُهُ أَوْ وَلِيُّهُ إلَّا مَا قَرُبَ كَالْبَرِيدِ، وَنَحْوِهِ مِمَّا يُبَلِّغُ الْأَبَ، وَالْوَلِيَّ خَبَرَهُ ثُمَّ لَهَا أَنْ تُقِيمَ هُنَاكَ عَبْدُ الْبَاقِي، وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْحَاضِنَةِ بِسَفَرِهَا لِتِجَارَةٍ بَلْ تَأْخُذُهُ مَعَهَا، وَلَوْ بَعُدَ بِإِذْنِ أَبِيهِ فِيهِمَا، وَوَصِيِّهِ فِي الْبَعِيدِ اهـ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آمِينَ.
[مَسَائِلُ الْبَيْعِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي جَمَاعَةٍ يَمْلِكُونَ طَاحُونَةً عَنْ أَبِيهِمْ وَجَدِّهِمْ فَأَكْرَهَ شَيْخُ الْبَلَدِ أَحَدَهُمْ بِالْحَبْسِ عَلَى بَيْعِهَا لِأَجْنَبِيٍّ فَبَاعَهَا لَهُ فِي غَيْبَةِ شُرَكَائِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ لَازِمٍ فِي نَصِيبِ الْبَائِعِ، وَلَهُمْ نَزْعُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ لِشَيْخِ الْبَلَدِ، وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِهِ عَلَى الْقَائِمِينَ عَلَيْهِ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ دَفَعَهُ لَهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إذَا ثَبَتَ الْإِكْرَاهُ، وَكَانَ ظُلْمًا بِأَنْ كَانَ فِي غَيْرِ حَقٍّ شَرْعِيٍّ فَأَصْلُ الْمَذْهَبِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ، وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَأَصْبَغُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِلَا ثَمَنٍ، وَيَتْبَعُ بِهِ الْمُشْتَرِي الظَّالِمَ سَوَاءٌ دَفَعَهُ لَهُ أَوْ لِلْبَائِعِ، وَعَلِمَ دَفْعَهُ لِلظَّالِمِ أَوْ جَهِلَ الْحَالَ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُكْرَهَ بِالْفَتْحِ صَرَفَهُ فِي مَصَالِحِهِ قَضَى عَلَيْهِ بِرَدِّ مِثْلِهِ لِلْمُشْتَرِي، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْإِكْرَاهِ أَمْ لَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ، وَشُرَّاحُهُ، وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا بَاعَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ غُرْمِ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِإِكْرَاهِهِ فَيَتْبَعُ الْمُكْرِهَ بِكَسْرِ الرَّاءِ بِثَمَنِهِ، وَيَرُدُّ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا مَالَهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَقَيَّدَ بِهِ ابْنُ النَّاظِمِ كَلَامَ وَالِدِهِ فَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إنَّهُ لَازِمٌ، وَأَفْتَى بِهِ اللَّخْمِيُّ وَالسُّيُورِيُّ، وَاسْتَحْسَنَهُ حُذَّاقُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ هِلَالٍ وَالْعَقَبَانِيُّ وَالسَّرَقُسْطِيُّ وَالْقِشْتَالِيُّ قَاضِي فَاسَ، وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ سَنَةٍ.
قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا بِيعَ تَحْتَ الضَّغْطِ، وَالْإِكْرَاهِ فِي غَيْرِ حَقٍّ شَرْعِيٍّ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ، وَرُدَّ الْمَبِيعُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ عَلَى بَائِعِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَإِنَّمَا يَرُدُّ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مُشْتَرِي مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الضَّغْطِ إذَا كَانَ الَّذِي يَطْلُبُونَهُ بِهِ، وَيَضْغَطُونَ ظُلْمًا أَوْ تَعَدِّيًا بِأَنْ كَانُوا فُقَرَاءَ لَا يَلْزَمُهُمْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَتَيَسَّرُوا فَيُبَاعُ عَلَيْهِمْ مَا لَا يَلْزَمُهُمْ بَيْعُهُ كَثَوْبٍ يَسْتُرُونَ بِهِ، وَشَبَهِهِ فَهَذَا يَلْزَمُ مُشْتَرِيه رَدُّهُ إلَى بَائِعِهِ لِأَنَّهُ بِيعَ عَلَيْهِ ظُلْمًا، وَأَمَّا إنْ بِيعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute