للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ عُلَمَاءِ النَّقْلِ أَنَّ الْجَنَّةَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَالنَّارَ لَمْ يَصِحَّ فِي مَحِلِّهَا خَبَرٌ انْتَهَى.

[الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ هَلْ هُمْ جِنْسٌ وَاحِدٌ أَوْ أَجْنَاسٌ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ هَلْ هُمْ جِنْسٌ وَاحِدٌ أَوْ أَجْنَاسٌ وَفِي سَجْنِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ هَلْ هُوَ لِجَمِيعِهِمْ أَوْ لِفِرْقَةٍ مِنْهُمْ وَهَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ مَعَ أَنَّهُ تَصَادَقَ الْخَبَرُ بِرُؤْيَتِهِمْ فِي رَمَضَانَ أَفِيدُوا.

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي: اُخْتُلِفَ فِي أَصْلِ الْجِنِّ فَقِيلَ إنَّهُمْ مِنْ وَلَدِ إبْلِيسَ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا سُمِّيَ شَيْطَانًا، وَقِيلَ أَوْلَادُهُ الشَّيَاطِينُ خَاصَّةً وَمَنْ عَدَاهُمْ لَيْسُوا مِنْ وَلَدِهِ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ يَقُولُ إنَّهُمْ نَوْعٌ وَاحِدٌ اخْتَلَفَ صِفَةً فَمَنْ كَفَرَ سُمِّيَ شَيْطَانًا وَإِلَّا قِيلَ لَهُ جِنِّيٌّ انْتَهَى.

وَفِي تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ اُخْتُلِفَ فِي أَصْلِ الْجِنِّ فَرَوَى إسْمَاعِيلُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ الْجِنَّ وَلَدُ إبْلِيسَ وَالْإِنْسَ وَلَدُ آدَمَ وَمِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مُؤْمِنُونَ وَكَافِرُونَ وَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ فَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا فَهُوَ وَلِيُّ اللَّهِ وَمَنْ كَانَ كَافِرًا فَهُوَ شَيْطَانٌ، وَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْجِنُّ وَلَدُ الْجَانِّ وَلَيْسُوا شَيَاطِينَ، وَمِنْهُمْ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ وَالشَّيَاطِينُ وَلَدُ إبْلِيسَ لَا يَمُوتُونَ إلَّا مَعَهُ انْتَهَى.

وَفِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ الْمَشْهُورُ أَنَّ جَمِيعَ الْجِنِّ مِنْ ذُرِّيَّةِ إبْلِيسَ وَبِذَلِكَ يُسْتَدَلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَنَاسَلُونَ وَلَيْسَ فِيهِمْ إنَاثٌ وَقِيلَ الْجِنُّ جِنْسٌ وَإِبْلِيسُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ انْتَهَى. أَفَادَ ذَلِكَ كُلَّهُ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الزَّرْقَانِيُّ فِي أَجْوِبَتِهِ وَفِي الْمِعْيَارِ

وَسُئِلَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الشَّيَاطِينَ تُصَفَّدُ فِي رَمَضَانَ» وَنَحْنُ نَجِدُهَا تُوَسْوِسُ فِي رَمَضَانَ وَنَجِدُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْصِي فِي رَمَضَانَ؟

(فَأَجَابَ) : قَدْ يُوَسْوِسُ وَهُوَ مُصَفَّدٌ ثُمَّ قَالَ كُنْتُ فِي الْمُنَسْتِيرِ فِي بَعْضِ رَمَضَانَ وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْقَيْرَوَانِ كَانَتْ بِهِ عَارِضَةٌ تَصْرَعُهُ قَالَ الشَّيْخُ فَأَنَا جَالِسٌ حَتَّى أَتَوْنِي فَقَالُوا لِي صُرِعَ فُلَانٌ ثُمَّ سَأَلُونِي عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَصْفِيدِ الشَّيَاطِينِ قَالَ فَقُلْت لَهُمْ الْحَدِيثُ حَقٌّ وَمَا يُصِيبُ الْإِنْسُ فِي هَذَا عِيَانٌ فَيُحْتَمَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ» أَيْ كَفَرَةُ الْجِنِّ الَّذِينَ يُسَمُّونَ شَيَاطِينَ وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْجِنِّ لَا يُصَفَّدُونَ فَيَكُونُ وِسْوَاسُ وَتَزْيِينُ الْمَعَاصِي إنَّمَا يَقَعُ مِنْ فُسَّاقِ الْجِنِّ وَمَرَدَتِهِمْ الْمُسْلِمِينَ وَيَعُدُّونَهَا مَعَاصِي وَمُؤْمِنُو الْإِنْسِ يَعْصُونَ فَكَيْفَ مُؤْمِنُو الْجَانِّ وَالْكُفَّارُ مِنْهُمْ مُصَفَّدُونَ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَصُفِّدَتْ الْجِنُّ» مُخْتَصٌّ بِالشَّيَاطِينِ قِيلَ لَهُ إنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَالَ فِيهِ تُصَفَّدُ عَنْ بَعْضِ الْأَعْمَالِ دُونَ بَعْضٍ فَقَالَ الْقَوْلَ بِأَنَّ مَعْنَاهُ بَعْضُ الشَّيَاطِينِ دُونَ بَعْضٍ أَوْلَى وَالْأَوْلَى مِنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>