للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا عِلْمَ لَنَا، وَقَدْ قَالَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَاهَا عَنْهُ الْعُلَمَاءُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَنَا الْمَعْنَى فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى غَيْرَ مَا قُلْنَا مِمَّا هُوَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ مِمَّا تَأَوَّلْنَاهُ انْتَهَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيَّ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الْأَرْضِ هَلْ هِيَ سَبْعُ طِبَاقٍ كَالسَّمَاءِ وَهَلْ فِيهِنَّ خَلْقٌ لِلَّهِ تَعَالَى مِثْلُنَا.

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ قَالَ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الزَّرْقَانِيُّ فِي أَجْوِبَتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: ١٢] ، وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} [نوح: ١٥] فَأَفَادَ أَنَّ لَفْظَ طِبَاقًا فِي الْآيَةِ الْأُولَى مُرَادٌ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فَتَكُونُ الْمِثْلِيَّةُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْأَرَضِينَ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ مِثْلُ السَّمَوَاتِ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّ الْمِثْلِيَّةَ فِي الْعَدَدِ خَاصَّةً وَأَنَّ السَّبْعَ مُتَجَاوِرَةٌ، وَحَكَى ابْنُ التِّينِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْأَرْضَ وَاحِدَةٌ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَلَعَلَّهُ الْقَوْلُ بِالتَّجَاوُرِ وَإِلَّا فَيَكُونُ صَرِيحًا فِي الْمُخَالَفَةِ قَالَ وَيَدُلُّ لِلْقَوْلِ الظَّاهِرِ مَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي {وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: ١٢] قَالَ فِي كُلِّ أَرْضِ إبْرَاهِيمُ مِثْلُ إبْرَاهِيمَ وَنَحْوُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْخَلْقِ هَكَذَا أَخْرَجَهُ مُخْتَصَرًا وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مُطَوَّلًا وَأَوَّلُهُ سَبْعُ أَرَضِينَ فِي كُلِّ أَرْضٍ آدَم كَآدَمِكُمْ وَنُوحٌ كَنُوحِكُمْ وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمِكُمْ وَعِيسَى كَعِيسَاكُمْ وَنَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ شَاذٌّ بِمَتْنِهِ انْتَهَى.

وَلَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ صِحَّةُ الْمَتْنِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ فَقَدْ يَصِحُّ الْإِسْنَادُ وَيَكُونُ فِي الْمَتْنِ شُذُوذٌ وَعِلَّةٌ تَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ.

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ وَهَذَا إنْ صُحِّحَ نَقْلُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات انْتَهَى.

وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ يَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ ثَمَّ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ مُسَمًّى بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَهُمْ الرُّسُلُ الْمُبَلِّغُونَ الْجِنَّ عَنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى سُمِّيَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِاسْمِ النَّبِيِّ الَّذِي يُبَلِّغُ عَنْهُ قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: ١٢] يَرُدُّ أَيْضًا عَلَى أَهْلِ الْهَيْئَةِ قَوْلَهُمْ أَنْ لَا مَسَافَةَ بَيْنَ كُلِّ أَرْضٍ وَأَرْضٍ وَإِنْ كَانَتْ فَوْقَهَا وَأَنَّ السَّابِعَةَ صَمَّاءُ لَا جَوْفَ لَهَا وَفِي وَسَطِهَا الْمَرْكَزُ وَهِيَ نُقْطَةٌ مُقَدَّرَةٌ مُتَوَهَّمَةٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ الَّتِي لَا بُرْهَانَ عَلَيْهَا، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مَرْفُوعَانِ «أَنَّ بَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ وَأَنَّ سُمْكَ كُلِّ سَمَاءٍ كَذَلِكَ وَأَنَّ بَيْنَ كُلِّ أَرْضٍ وَأَرْضٍ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ» .

وَأَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ نَحْوَهُ وَلِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ الْعَبَّاسِ مَرْفُوعًا «بَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ وَسَمَاءٍ إحْدَى أَوْ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَةً» وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>