للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاعْتِبَارِ بُطْءِ السَّيْرِ وَسُرْعَتِهِ انْتَهَى. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ فِي عُوجِ بْنِ عُنْقٍ مِنْ طُولِهِ وَعَظَمَةِ خَلْقِهِ فَهَلْ لِذَلِكَ صِحَّةٌ وَهَلْ تَخَلَّفَ بَعْدَ الطُّوفَانِ أَحَدٌ أَفِيدُوا.

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ سُئِلَ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الزَّرْقَانِيُّ مَا طُولُ عُوجٍ بِالذِّرَاعِ وَهَلْ هُوَ أَطْوَلُ الْخَلْقِ أَمْ لَهُ نَظِيرٌ فِي الطُّولِ

فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَافِظِ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ فَإِنَّهُ قَالَ: قِصَّةُ عُوجِ بْنِ عُنْقٍ وَجَمِيعُ مَا يَحْكُونَهُ عَنْهُ هَذَيَانٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَهُوَ مِنْ مُخْتَلَقَاتِ زَنَادِقَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَمْ يَكُنْ قَطُّ عَلَى عَهْدِ نُوحٍ وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْ الْغَرَقِ أَحَدٌ مِنْ الْكُفَّارِ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا كَوْنُ الْحَدِيثِ مَوْضُوعًا أَنْ تَقُومَ الشَّوَاهِدُ الصَّحِيحَةُ عَلَى بُطْلَانِهِ كَحَدِيثِ عُوجِ بْنِ عُنْقٍ أَنَّ طُولَهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَثَلَثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا وَثُلُثٌ فَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَلَمْ تَزَلْ الْخَلْقُ تَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ» وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ} [الصافات: ٧٧] أَيْ ذُرِّيَّةَ نُوحٍ الَّذِينَ آمَنُوا وَنَجَوْا مِنْ الطُّوفَانِ فَلَوْ كَانَ لِعُوجٍ زَمَنَ نُوحٍ وُجُودٌ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ وَهَذَا إنَّمَا قَصَدَ بِهِ وَاضِعُهُ الطَّعْنَ فِي أَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَلَيْسَ الْعَجَبُ مِنْ جَرَاءَةِ هَذَا الْكَذَّابِ عَلَى اللَّهِ إنَّمَا الْعَجَبُ مِمَّنْ يُدْخِلُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ مِنْ تَفْسِيرٍ وَغَيْرِهِ وَلَا يُبَيِّنُ أَمْرَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ مِنْ مُخْتَلَقَاتِ زَنَادِقَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ قَصَدُوا الِاسْتِهْزَاءَ وَالسُّخْرِيَةَ بِالرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ انْتَهَى مُلَخَّصًا.

قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ وَالْأَقْرَبُ فِي خَبَرِ عُوجٍ أَنَّهُ كَانَ مِنْ بَقِيَّةِ عَادٍ وَأَنَّهُ كَانَ لَهُ طُولٌ فِي الْجُمْلَةِ مِائَةُ ذِرَاعٍ أَوْ شِبْهُ ذَلِكَ وَأَنَّ مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَهُ بِعَصَاهُ هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ الَّذِي يُحْتَمَلُ قَبُولُهُ اهـ.

قَالَ النَّجْمُ الْغَيْطِيُّ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِمَّا رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ أَقْصَرُ قَوْمِ عَادٍ سَبْعِينَ ذِرَاعًا وَأَطْوَلُهُمْ مِائَةَ ذِرَاعٍ وَكَانَ طُولُ مُوسَى سَبْعَةَ أَذْرُعٍ وَوَثَبَ فِي السَّمَاءِ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ فَأَصَابَ كَعْبَ عُوجِ بْنِ عُنْقٍ فَقَتَلَهُ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ لِوُجُودِهِ حَقِيقَةً وَطُولُهُ مَا ذُكِرَ وَيَكُونُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ تَزَلْ الْخَلْقُ تَنْقُصُ» مَحْمُولًا عَلَى الْغَالِبِ وَالْأَكْثَرِ وَعُوجٌ مِنْ غَيْرِ الْأَغْلَبِ الْأَكْثَرِ اهـ. بِاخْتِصَارٍ فَقَوْلُ السَّائِلِ وَهَلْ لَهُ نَظِيرٌ فِي الطُّولِ أَمْ هُوَ أَطْوَلُ جَوَابُهُ نَظِيرُهُ فِي الطُّولِ طِوَالِ قَوْمِ عَادٍ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ بِهِ السُّيُوطِيّ فِي خَبَرِهِ وَإِنْ أَرَادَ السَّائِلُ نَظِيرَهُ فِي ذَلِكَ الطُّولِ الْكَذِبِ الَّذِي هُوَ ثَلَاثَةُ آلَافِ ذِرَاعٍ وَكُسُورٌ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ كَذِبٌ بَاطِلٌ فَإِنْ كَانَ رَأَى فِي كُتُبِ الْكَذَّابِينَ نَظِيرًا لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ وَمَشَى فِي الْقَامُوسِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِهِ الْمَوْضُوعَةِ حَيْثُ قَالَ عُوجُ بْنُ عُنْقٍ بِضَمِّهِمَا رَجُلٌ وُلِدَ فِي مَنْزِلِ آدَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>