دَفْعِ الْمَالِ الثَّانِي مَعَ الْحِمَارَةِ لِلْعَامِلِ ابْتِدَاءً وَبَعْدَ الْوُقُوعِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْمَنْعُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ نَقْدًا مَسْكُوكًا وَأَمَّا الثَّانِي فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ بَيْعَ الْحِمَارَة وَقِرَاضُ مِثْلِهِ فِيمَا يَخُصُّ ثَمَنَهَا مِنْ الرِّبْحِ وَبَقِيَ النَّظَرُ أَيْضًا فِي حُكْمِ ضَمِّ مَا الْتَزَمَهُ الْعَامِلُ لِلْمَالِ الْأَوَّلِ بَعْدَ نَضُوضِهِ وَهُوَ الْمَنْعُ إنْ نَضَّ الْأَوَّلَ زَائِدًا بِرِبْحٍ أَوْ نَاقِصًا بِخُسْرٍ لِتُهْمَةِ التَّرْغِيبِ بِالْمُلْتَزَمِ فِي الرِّبْحِ أَوْ جَبْرِ الْخُسْرِ وَالْجَوَازُ إنْ نَضَّ مُسَاوِيًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ بِعَرْضٍ كَثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ الْعَامِلُ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ الْبَيْعَ ثُمَّ قِرَاضُ الْمِثْلِ ثُمَّ قَالَ وَجَازَ دَفْعُ مَالَيْنِ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ قَبْلَ الشَّغْلِ بِالْأَوَّلِ إنْ شَرَطَ الْخَلْطَ فِي اخْتِلَافِ جُزْئِهِمَا قَوْلًا وَاحِدًا بَرَّ، وَإِنْفَاقُهُ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي الرَّمَاصِيِّ كَبَعْدِهِ أَيْ دَفْعِ الثَّانِي بَعْدَ شَغْلِ الْأَوَّلِ جَازَ إنْ انْتَفَى الْخَلْطُ بِالْفِعْلِ وَشَرْطِهِ فَإِنْ نَضَّ الْأَوَّلَ مُسَاوِيًا فَعَلَى مَا سَبَقَ إنْ دَفَعَ ثَانِيًا مِنْ التَّفْصِيلِ؛ لِأَنَّهُ كَابْتِدَاءِ قِرَاضٍ، وَإِلَّا بِأَنْ نَضَّ أَزْيَدَ أَوْ نَاقِصًا مُنِعَ لِتُهْمَةِ التَّرْغِيبِ بِالثَّانِي فِي الرِّبْحِ أَوْ جَبْرِ الْخُسْرِ اهـ. بِتَصَرُّفٍ.
[دَفَعَ لِابْنِهِ وَأَجْنَبِيٍّ دَرَاهِمَ لِيَعْمَلَا فِيهَا قِرَاضًا بِجُزْءِ الرِّبْحِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ دَفَعَ لِابْنِهِ وَأَجْنَبِيٍّ دَرَاهِمَ لِيَعْمَلَا فِيهَا قِرَاضًا بِجُزْءِ الرِّبْحِ ثُمَّ بَعْدَ الْعَمَلِ دَفَعَ الْأَجْنَبِيُّ جَمِيعَ الْمَالِ لِلِابْنِ مَا عَدَا حِصَّةَ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الرِّبْحِ ثُمَّ عَارَضَ الِابْنَ لُصُوصٌ أَخَذُوا مِنْهُ الْمَالَ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ.
فَأَجَابَ أَبُو الْبَرَكَاتِ الدَّرْدِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إنْ كَانَ الرَّجُلُ وَكَّلَ ابْنَهُ فِي قَبْضِ الْمَالِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الِابْنِ وَلَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْهُ عَلَى قَبْضِهِ فَالْأَجْنَبِيُّ مُفَرِّطٌ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِلِابْنِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[أَخَذَ دَرَاهِمَ مِنْ آخَرَ لِيَعْمَلَ بِهَا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَاشْتَرَى بِهَا سِلَعًا]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ أَخَذَ دَرَاهِمَ مِنْ آخَرَ لِيَعْمَلَ بِهَا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَاشْتَرَى بِهَا سِلَعًا، وَأَرَادَ التَّوَجُّهَ بِهَا إلَى الْمَحْرُوسَةِ وَشَاعَ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ أَنَّ هَذِهِ السِّلْعَةَ لَا تَرْبَحُ فَطَلَبَ رَبُّ الْمَالِ الْعَامِلَ وَقَالَ لَهُ مَالِي سَلَفٌ فِي ذِمَّتِك وَلَيْسَ لِي مَعَك فِي الرِّبْحِ شَيْءٌ فَإِنْ رَبِحَ الْمَالُ فَهُوَ لَك، وَإِنْ خَسِرَ فَهُوَ عَلَيْك فَرَضِيَ الْعَامِلُ بِذَلِكَ وَكُتِبَتْ بَيْنَهُمَا وَثِيقَةٌ بِهِ وَالْعَامِلُ يَجْهَلُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ وَخَسِرَ الْمَالَ فَهَلْ لَا يُعْمَلُ بِتِلْكَ الْوَثِيقَةِ وَيَكُونُ الْخُسْرُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ خَاصَّةً وَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ شَيْءٌ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ. فَأَجَابَ أَخُونَا الشَّيْخُ أَحْمَدُ الصَّعِيدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَقْدُ الْقِرَاضِ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ وَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْعَمَلِ فَلِكُلٍّ مِنْ رَبِّ الْقِرَاضِ وَعَامِلِهِ تَرْكُهُ وَالْحِلُّ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنْ حَصَلَ عَمَلٌ بِأَنْ اشْتَرَى الْعَامِلُ سِلَعًا فِي الْحَضَرِ بِالْمَالِ أَوْ ظَعَنَ فِي السَّفَرِ لَزِمَ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ فَإِنْ اتَّفَقَا مَعًا عَلَى الْفَسْخِ جَازَ إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَوْلُ رَبِّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ مَالِي فِي ذِمَّتِك سَلَفٌ وَلَا شَيْءَ لِي فِي السِّلَعِ فَرَضِيَ الْعَامِلُ بِذَلِكَ رِضًا مِنْهُمَا بِالْفَسْخِ وَحِينَئِذٍ فَالسِّلَعُ لِلْعَامِلِ وَالْخُسْرُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْعَامِلُ يَعْلَمُ الْحُكْمَ لَكِنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ جَاهِلٌ بِهِ وَأَنَّهُ مَا الْتَزَمَ السِّلَعَ إلَّا لِكَوْنِهِ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ الْجَهْلُ بِذَلِكَ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَالْخُسْرُ كُلُّهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْوَثِيقَةِ وَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ شَيْءٌ مِنْهُ كَمَا يُفِيدُهُ جَوَابُ شَيْخِنَا أَبِي يَحْيَى الْمُتَقَدِّمُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute