رِيقَهُ النَّجِسَ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ بِأَنَّ ابْتِلَاعَ الصَّائِمِ الرِّيقَ النَّجِسَ لَا يَحِلُّ، وَيَبْطُلُ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي رِيقٍ يَجُوزُ ابْتِلَاعُهُ لِمَا فِي لَفْظِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ فَإِذَا كَانَ ابْتِلَاعُهُ مُحَرَّمًا فِي الصَّوْمِ، وَغَيْرِهِ لِنَجَاسَتِهِ بَطَلَ الصَّوْمُ بِابْتِلَاعِهِ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ الْمُرَخِّصِ فِي ابْتِلَاعِهِ.
قُلْت إنْ ذَهَبَ الدَّمُ جُمْلَةً، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا حُكْمُ النَّجَاسَةِ فِي الْفَمِ فَعِنْدِي أَنَّهَا تَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إذَا غُسِلَتْ النَّجَاسَةُ بِالْمَاءِ الْمُضَافِ كَمَاءِ الدَّلْوِ الْمُزَيَّتِ، وَالْمَشْهُورُ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إلَّا حُكْمُ النَّجَاسَةِ خَاصَّةً فَعَلَى هَذَا لَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَبْطُلُ، وَيَجْرِي حُكْمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَسَائِلِ التَّأْوِيلِ، وَأَمَّا لَوْ بَقِيَ بَعْضُ النَّجَاسَةِ فِي فَمِهِ، وَابْتَلَعَهُ فَإِنْ كَانَ غَالِبًا فَيَجْرِي عَلَى مَسَائِلِ الْغَلَبَةِ كَغُبَارِ الطَّرِيقِ وَالْجَبَّاسِينَ، وَنَحْوِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبًا فَإِنَّهُ يَقْضِي، وَتَجْرِي الْكَفَّارَةُ عَلَى مَسَائِلِ مَا ابْتَلَعَهُ مِنْ الْفَمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[وَجَبَتْ عَلَيْهِ عَشْرُ كَفَّارَاتٍ لِفِطْرِهِ فِي رَمَضَانَ وَأَرَادَ الْإِطْعَامَ وَلَمْ يَجِدْ سِتَّمِائَةِ مِسْكَيْنِ وَوَجَدَ مِسْكِينًا وَاحِدًا]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ عَشْرُ كَفَّارَاتٍ لِفِطْرِهِ فِي رَمَضَانَ، وَأَرَادَ الْإِطْعَامَ، وَلَمْ يَجِدْ سِتَّمِائَةِ مِسْكَيْنِ، وَوَجَدَ مِسْكِينًا وَاحِدًا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُ عَشْرَةِ أَمْدَادٍ لَهُ نَاوِيًا كُلُّ مُدٍّ مِنْ كَفَّارَةٍ، وَهَكَذَا إذَا وَجَدَ مِسْكِينًا آخَرَ حَتَّى تَتِمَّ الْكَفَّارَاتُ أَوْ لَا يَدْفَعُ لَهُ إلَّا مُدًّا وَاحِدًا، وَهَكَذَا إذَا وَجَدَ مِسْكِينًا آخَرَ حَتَّى تَتِمَّ، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ جِدًّا، وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصِّيَامِ، وَالْعِتْقِ، وَإِنْ أَوْصَى بِهَا، وَمَاتَ فَهَلْ يَخْلُصُ مِنْ الْإِثْمِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: إنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ عَشْرَةِ أَمْدَادٍ لِمَنْ وَجَدَهُ مِنْ الْمَسَاكِينِ تَعْجِيلًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَهَكَذَا إلَى أَنْ تَتِمَّ الْكَفَّارَاتُ نَاوِيًا كُلُّ مُدٍّ مِنْ كَفَّارَةٍ، وَإِنْ مَاتَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ رَأَى نَحْوَ إيقَادِ النِّيرَانِ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ لَا تُوقَدَ إلَّا بَعْدَ رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ، وَلَمْ يَرَهُ، وَنَوَى الصَّوْمَ مُعْتَمِدًا عَلَى ذَلِكَ هَلْ يَصِحُّ صَوْمُهُ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: فِي الْحَطَّابِ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ قُرَى الْبَادِيَةِ مُتَقَارِبَةً بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَنِيرُوا فَرَآهُ بَعْضُ أَهْلِ الْقُرَى فَنَيَّرُوا فَأَصْبَحَ أَصْحَابُهُمْ صَائِمِينَ، ثُمَّ ثَبَتَتْ الرُّؤْيَةُ بِالتَّحْقِيقِ فَهَلْ يَصِحُّ صَوْمُهُمْ؟ قَالَ نَعَمْ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الرَّجُلِ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيُخْبِرُهُمْ أَنَّ الْهِلَالَ قَدْ رُئِيَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ قُلْت إذَا كَانَ الْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ النَّارُ يَعْلَمُ بِهِ أَهْلُهُ، وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ جَعْلِ النَّارِ فِيهِ إلَّا إذَا ثَبَتَ الْهِلَالُ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ بِرُؤْيَةٍ مُسْتَفِيضَةٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ نَقْلِ الْوَاحِدِ، وَهَذَا كَجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّهُ لَا تُوقَدُ الْقَنَادِيلُ فِي رُءُوسِ الْمَنَائِرِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْهِلَالِ فَمَنْ كَانَ بَعِيدًا أَوْ جَاءَ بِلَيْلٍ، وَرَأَى ذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ بِلَا خِلَافٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute