للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزَّوْجَيْنِ، وَفِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ الضَّرَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَدَعَا إلَى دَارِ أَمِينٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِأَيْ وَجْهٍ ادَّعَى فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ لِلْأَمِينِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَهُ بَعَثَ فِيهِمَا الْحَكَمَيْنِ يَنْظُرُ لَهُمَا السُّلْطَانُ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا إنْ كَانَا، وَإِلَّا فَمِنْ غَيْرِهِمَا، وَيُوَجِّهُهُمَا إلَيْهِمَا فَيَسْأَلَانِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ حَالِهِمَا، وَعَمَّا نَقَمَ مِنْ الْآخِرِ، وَيَسْتَنْبِطَانِ حَالَهُمَا، وَيَدْخُلَانِ عَلَيْهِمَا الْمَرَّتَيْنِ، وَالثَّلَاثَةَ، وَلَا يَكُونَانِ مَعَهُمَا مُلَازِمِينَ حَتَّى يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا إنْ أَمْكَنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُمَا فَرَّقَا بَيْنَهُمَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ رَأَيَاهُ مِنْ إسْقَاطٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَجْتَمِعَانِ عَلَيْهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى الْحُكْمِ، وَيُنَفِّذَ ذَلِكَ السُّلْطَانُ.

قَالَ: ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا إعْذَارَ فِي حُكْمِ الْحُكْمَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَحْكُمَا بِشَهَادَةٍ قَاطِعَةٍ، وَلَا يَقُومُ عَلَى الزَّوْجِ بِالضَّرَرِ أَبٌ، وَلَا، وَصِيٌّ، وَلَا غَيْرُهُمَا إلَّا بِتَقْدِيمِ الْمَرْأَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهَا الرِّضَا بِذَلِكَ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ سَلَّمُونِ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مَا أَنْت قَاعِدَةً فِي الْبَيْتِ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَأَخَذَتْ حَوَائِجَهَا فِي قَدْرِ دَرَجَةٍ، وَخَرَجَتْ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ بِرُجُوعِهَا إلَيْهِ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْوُقُوعِ فَهَلْ لَهُ تَسْكِينُهَا، وَانْتِقَالُهُ مَعَهَا فِي بَيْتٍ آخِرِ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَهُ تَسْكِينُهَا فِي بَيْتٍ آخَرَ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً، وَرَاجَعَهَا، ثُمَّ تَشَاجَرَ مَعَهَا فَعَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى أَكْلِهِ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي تَصْنَعُهُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهُ نَاسِيًا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَإِذَا قُلْتُمْ بِوُقُوعِهِ، ثُمَّ تَشَاجَرَ مَعَهَا ثَانِيًا فَقَالَ: لَهَا إنْ كُنْتِ لِي عَلَى ذِمَّةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّالِثُ لِكَوْنِهَا مُطَلَّقَةً مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْعِدَّةِ، وَاسْتَمَرَّ مُعَاشِرًا لَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّانِي لِقَوْلِ الْمُخْتَصَرِ فِي مُوجِبَاتِ الْحِنْثِ، وَبِالنِّسْيَانِ إنْ أَطْلَقَ، وَوَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّالِثُ أَيْضًا، وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ عِدَّةِ الثَّانِي إنْ اسْتَمَرَّ مُعَاشِرًا لَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى ذِمَّتِهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ الْوَطْءُ الْمُجَرَّدُ عَنْ النِّيَّةِ رَجْعَةٌ فَهُوَ مَعَهَا فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَهُوَ كَالصَّحِيحِ فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[رَجُلٍ غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي بَلَدٍ عَلَى مَسَافَةِ عِشْرِينَ يَوْمًا]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي بَلَدٍ عَلَى مَسَافَةِ عِشْرِينَ يَوْمًا فَهَلْ تَرْفَعُ زَوْجَتُهُ لِلْحَاكِمِ لِيُرْسِلَ لَهُ إمَّا أَنْ يَقْدَمَ أَوْ يَنْقُلَهَا إلَيْهِ أَوْ يُطَلِّقَ، وَإِذَا رَفَعَتْ إلَيْهِ، وَأَرْسَلَ إلَيْهِ فَلَمْ يُوجَدْ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ بِأَنْ قَالَ أَهْلُهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدَنَا، وَلَمْ نَعْلَمْ لَهُ مَحَلًّا فَهَلْ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ تَرْفَعُ لِلْحَاكِمِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ إنْ كَانَ زَوْجُهَا مَعْلُومَ الْمَكَانِ أَرْسَلَ إلَيْهِ إمَّا أَنْ يَقْدَمَ أَوْ يَحْمِلَهَا إلَيْهِ أَوْ يُطَلِّقَ، وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْمَكَانِ أَرْسَلَ إلَى الْجِهَاتِ الَّتِي يُظَنُّ ذَهَابُهُ إلَيْهَا فَإِنْ عُلِمَ مَحَلُّهُ فَكَالْأَوَّلِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ خَبَرِهِ أُجِّلَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ إنْ كَانَ حُرًّا، وَسَنَتَيْنِ إنْ كَانَ رِقًّا، وَإِذَا تَمّ الْأَجَلُ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ، وَفَاةٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ إنْ شَاءَتْ، وَهَذَا كُلُّهُ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ مَالِهِ، وَلَمْ تَخْشَ عَلَى نَفْسِهَا زِنًا

<<  <  ج: ص:  >  >>