ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ شِرَاءَ اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ مَكْرُوهٌ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ، أَوْ صَاحِبَتُهَا لَكِنَّ شِرَاءَ صَاحِبَتِهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً، وَأَمَّا شِرَاءُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَمَكْرُوهٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الزَّوْجُ، أَوْ الضَّرَّةُ وَانْظُرْ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ مَعَ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ فِي الْجَائِزَاتِ وَشِرَاءِ يَوْمِهَا مِنْهَا، وَكَذَا قَوْلُ الشَّامِلِ وَشِرَاءُ لَيْلَتِهَا مِنْهَا فَجَعَلَ ذَلِكَ جَائِزًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَظَاهِرُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُشْتَرِي، أَوْ الضَّرَّةُ وَكَأَنَّهُمَا اعْتَمَدَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَصَّهُ وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ مِنْ ضَرَّتِهَا، أَوْ مِنْ زَوْجِهَا.
قُلْت: وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ سَوَاءٌ جَعَلَ الْعِوَضَ الْمَأْخُوذَ فِي ذَلِكَ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ، أَوْ عَنْ إسْقَاطِ الْحَقِّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ اهـ. وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى حِكَايَةِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ ثُمَّ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قُلْت: وَهَذَا خِلَافُ تَفْرِقَةِ ابْنِ رُشْدٍ اهـ. فَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا ذَكَرْنَا، وَهُوَ أَنَّ اللَّخْمِيَّ سَوَّى بَيْنَ شِرَاءِ الرَّجُلِ وَالضَّرَّةِ اللَّيْلَةَ الْوَاحِدَةَ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَلَيْسَ لِلْأَمَةِ إسْقَاطُ حَقِّهَا فِي قَسْمِهَا إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا كَالْعَزْلِ لَحَقِّهِ فِي الْوَلَدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ بَالِغٍ، أَوْ يَائِسَةً، أَوْ حَامِلًا وَاسْتُحْسِنَ إنْ أَصَابَهَا مَرَّةً، وَأَنْزَلَ أَنَّ لَهَا أَنْ تُسْقِطَ حَقَّهَا فِي الْقَسْمِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الطُّهْرِ ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِاحْتِمَالِ خَيْبَتِهَا فِيهَا وَرَجَائِهِ فِي تَكَرُّرِهِ اهـ.
[الْأَمَة إذَا كَانَتْ تَحْت الْعَبْد وَقَالَتْ اشْهَدُوا مَتَى عتقت فَقَدْ اخْتَرْت زوجي أَوْ اخْتَرْت نفسي]
(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) الْأَمَةُ إذَا كَانَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ وَقَالَتْ اشْهَدُوا مَتَى عَتَقْتُ، فَقَدْ اخْتَرْت زَوْجِي، أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي فَقَالَ مَالِكٌ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْإِيلَاءِ لَا أَرَى ذَلِكَ لَازِمًا لَهَا وَحَكَى ابْنُ حَرْثٍ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهَا قَالَ وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ وَسَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا بَيَانُ الرَّاجِحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ.
[شَرَطَ لِزَوْجَتِهِ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا]
(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) فِيمَنْ شَرَطَ لِزَوْجَتِهِ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا، أَوْ إنْ تَسَرَّى أَوْ إنْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَتَقُولُ اشْهَدُوا أَنِّي مَتَى فَعَلَ زَوْجِي ذَلِكَ، فَقَدْ اخْتَرْت نَفْسِي، أَوْ اخْتَرْت زَوْجِي فَقَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونَ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهَا وَحَكَى الْبَاجِيُّ وَابْنُ يُونُسَ عَنْ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ حَصَّلَ ابْنُ زَرْقُونٍ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي لُزُومِ مَا أَوْقَعْنَاهُ قَبْلَ حُصُولِ سَبَبِ خِيَارِهِمَا وَعَدَمِهِ. ثَالِثًا التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ لِابْنِ حَرْثٍ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ وَالْبَاجِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ مَعَ فَضْلٍ عَنْ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمَعْرُوفِ قَوْلِ مَالِكٍ اهـ.
فَعُلِمَ أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا هِيَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى الشَّيْخُ خَلِيلٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مُخْتَصَرِهِ فِي فَصْلِ الرَّجْعَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي السَّمَاعِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي يُحْكَى عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ سَأَلَ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهَا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فَقَالَ لَهُ أَتَعْرِفُ دَارَ قُدَامَةَ وَكَانَتْ دَارًا يُلْعَبُ فِيهَا بِالْحَمَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute