للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مُحْتَجًّا لَهُ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الصُّرَّةِ وَلِمُطَرِّفٍ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُغَارِ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ وَكَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُهُ اهـ.

[مَسَائِلُ الِاسْتِحْقَاقِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَسَائِلُ الِاسْتِحْقَاقِ

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ وَجَدَ دَابَّةً فِي يَدِ آخَرَ فَادَّعَى أَنَّهَا ضَلَّتْ مِنْهُ وَادَّعَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا وَتَرَافَعَا لِحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فَطَلَبَ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْأَوَّلِ فَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ شَهِدَا لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ وَزَكَّيَا ثُمَّ طَلَبَ مِنْ الثَّانِي بَيِّنَةً أَيْضًا فَأَتَى بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَدْلٍ شَهِدَ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ أَيْضًا، ثُمَّ أَخَذَ الْحَاكِمُ الدَّابَّةَ وَأَبْقَاهَا تَحْتَ يَدِهِ فَهَلْ يَحْلِفُ الْأَوَّلُ وَيَأْخُذُهَا أَوْ يَحْلِفُ الثَّانِي وَيَأْخُذُهَا أَوْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَحْلِفُ الْأَوَّلُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا بَعَثَ الدَّابَّةَ وَلَا فَوَّتَهَا وَلَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِي بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوْتِ حَتَّى الْآنَ وَيَأْخُذُهَا وَلَا عِبْرَةَ بِالشَّهَادَةِ لِوَاضِعِ الْيَدِ عَلَى الدَّابَّةِ بِالشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ الْقَائِمِ عَلَيْهِ إذْ ثُبُوتُ الشِّرَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ الْمِلْكِ لِجَوَازِ أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ فِي كِتَابِهِ فِي الْقَضَاءِ فَصْلٌ فِي وَجْهِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَكَيْفِيَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحُكْمِ التَّرَاجُعِ الْحُكْمُ فِي إطْلَاقِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ أَنْ يَتَقَرَّرَ الْعِلْمُ عِنْدَ الشُّهَدَاءِ بِذَلِكَ أَنَّ الشَّيْءَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ مِمَّا بَاشَرُوهُ وَتَكَرَّرُوا عَلَيْهِ مِنْ حَوْزِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَتَصَرُّفُهُ فِيهِ مُخْلًى غَيْرُ مُعْتَرَضٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَتَقَرَّرُ بِهِ صِحَّةُ الْمِلْكِ قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ أَحْضَرَ رَجُلًا اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ السُّوقِ كَانَتْ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ فَقَدْ يَبِيعُهَا مَنْ لَا يَمْلِكُهَا وَالشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ أَنْ تَطُولَ الْحِيَازَةُ وَهُوَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ الْمَالِكُ لَا مُنَازِعَ لَهُ.

وَسَوَاءٌ حَضَرُوا لِدُخُولِهَا فِي يَدَيْهِ أَمْ لَا فَلْيَشْهَدُوا بِمِلْكٍ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْحِيَازَةُ لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ غَنِمَهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَشِبْهَهُ وَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةَ الْمِلْكِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَوَجْهُ الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولُوا هُوَ مِلْكُهُ مَا يَعْلَمُونَهُ بَاعَهُ وَلَا وَهَبَهُ وَلَا فَوَّتَهُ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِدْفَعٌ إمَّا بِتَسْلِيمِهَا أَوْ عَجْزِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَالتَّلَوُّمِ فَإِنْ كَانَ الشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ مِمَّا عَدَا الرُّبَاعَ وَالْأُصُولَ أُحْلِفَ الْمُسْتَحِقُّ يَمِينَ الْقَضَاءِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا أَخْرَجَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَقَضَى لَهُ بِهِ وَتَكُونُ يَمِينُهُ عَلَى الْبَتِّ لَا عَلَى مَا شَهِدَتْ بِهِ الشُّهُودُ مِنْ الْعِلْمِ لِأَنَّ أَمْرَ الشُّهُودِ فِي تَحْقِيقِ مَا ظُنَّ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ أَمْرِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَلْزَمُهُمْ أَكْثَرُ مِنْ الشَّهَادَةِ بِظَاهِرِ أَمْرِهِ فِي اسْتِصْحَابِ حَالِهِ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَقَيَّدُوا الشَّهَادَةَ عَلَى عَمَلِهِمْ وَقَدْ يَكُونُ الْأَمْرُ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِهِ وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَلَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا عَلَى الْبَتِّ وَمَنَعَ مَالِكٌ شَهَادَةَ الْبَتِّ فِي ذَلِكَ وَقَالَ هِيَ شَهَادَةُ زُورٍ وَأَجَازَهَا الشَّافِعِيُّ وَرَأَى ذَلِكَ عَائِدًا إلَى الْعِلْمِ وَاخْتَلَفَ إذَا لَمْ يَزِدْ الشُّهُودُ فِي شَهَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ مَا يَعْلَمُونَهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَاقْتَصَرُوا عَلَى الشَّهَادَةِ أَنَّهَا مِلْكُهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا تَصَدَّقَ ثُمَّ يَقْضِي لَهُ بِذَلِكَ.

وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الشُّهُودِ حَتَّى يَسْأَلُوا وَأَمَّا إنْ وُجِدُوا فَإِنَّهُمْ يُسْأَلُونَ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَقُولُوا مَا عَلِمْنَاهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَشَهَادَتُهُمْ بَاطِلَةٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ الشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ رِيعًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الْأُصُولِ فَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهُمَا إيجَابُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَهَبَ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>