وَخِلَافَهُ ثُمَّ انْتَزَعَهُمَا مِنْهُ أَبُوهُ وَضَمَّهُمَا لِمَالِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِمَا إلَى مَوْتِهِ فَأَرَادَ الْمُتَكَسِّبُ أَخْذَ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَاخْتِصَاصَهُ بِهِ وَمَنَعَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فَمَا الْحُكْمُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كَانَ اكْتِسَابُهُ بِتَنْمِيَةِ مَالِ أَبِيهِ فَالنَّمَاءُ لِأَبِيهِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا انْتَزَعَهُ أَبُوهُ مِنْهُ وَلَا الِاخْتِصَاصُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ لَهُ حِينَئِذٍ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ تَبَرُّعَ أَبِيهِ لَهُ بِالنَّفَقَةِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي زَوْجَةٍ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ عَنْ ثُلُثِ مَالِهَا وَعَلِمَ زَوْجُهَا بِهِ وَسَكَتَ سَنَةً بِلَا مَانِعٍ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّ تَبَرُّعِهَا بِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ لِاقْتِصَارِهِمْ فِي مَقَامِ بَيَانِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ رَدِّ تَبَرُّعِهَا بِزَائِدِ ثُلُثِهَا عَلَى طَلَاقِهَا وَمَوْتِهَا وَالِاقْتِصَارُ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ يُفِيدُ الْحَصْرَ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[مَسَائِلُ الصُّلْحِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَسَائِلُ الصُّلْحِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنٍ صَبِيٍّ وَزَوْجَةٍ رَشِيدَةٍ وَأَبَوَيْنِ فَطَلَبَتْ مَنَابَهَا مِنْ الْإِرْثِ وَمُؤَخَّرَ صَدَاقِهَا فَصَالَحَهَا وَالِدُهُ بِدَرَاهِمَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ وَهِيَ عَقَارٌ وَعُرُوضٌ حَاضِرَةٌ فَبَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ طَلَبَتْ الدَّرَاهِمَ الْمُصَالَحَ بِهَا فَامْتَنَعَا مِنْ أَنْ يُعْطِيَاهَا شَيْئًا وَقَالَا إنَّ الْمُتَوَفَّى لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ فَهَلْ الصُّلْحُ لَازِمٌ، أَوْ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ لِلْإِرْثِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تُكَلَّفُ الزَّوْجَةُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِعَقَارِ زَوْجِهَا وَعُرُوضِهِ فَإِذَا أَقَامَتْهَا جُبِرَ الْأَبَوَانِ عَلَى تَمْكِينِهَا مِنْ مِيرَاثِهَا فِيهِمَا وَفِي سَائِرِ مَا يَثْبُتُ لِزَوْجِهَا وَالصُّلْحُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهَا بَلْ فَسْخُهُ وَاجِبٌ لِفَسَادِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهْلِ؛ لِأَنَّ مُؤَخَّرَ صَدَاقِهَا دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ يَجِبُ قَضَاؤُهُ قَبْلَ الْمِيرَاثِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ، أَوْ يُقَوَّمَ وَيُجْعَلَ فِي الصَّدَاقِ وَيُقْسَمَ الْبَاقِي عَلَى الْوَرَثَةِ، أَوْ يُصَالِحُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَنْ نَصِيبِهِ مِنْهُ فَحَيْثُ صُولِحَتْ الزَّوْجَةُ عَنْ مَجْمُوعِ صَدَاقِهَا وَثَمَنِهَا مِنْ بَاقِي التَّرِكَةِ صَارَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُصَالَحُ بِهَا بَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ جُزْءِ التَّرِكَةِ الَّذِي يُبَاعُ فِي الصَّدَاقِ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَبَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ ثَمَنِ الْبَاقِي وَهُوَ مَجْهُولٌ أَيْضًا قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْعَقِدَ الصُّلْحُ بِدَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَنْ الْكَالِئِ وَالْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ يَدْخُلُهُ إذْ لَا مِيرَاثَ إلَّا بَعْدَ الدَّيْنِ وَالْكَالِئُ مِنْ الدَّيْنِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَاعَ مِنْ التَّرِكَةِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَيُؤَدَّبَ وَيُعْرَفَ الْبَاقِي وَحِينَئِذٍ يَقَعُ الصُّلْحُ عَلَى حَظِّهَا فَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ وَقَعَ الْجَهْلُ وَالصُّلْحُ عَلَى الْمَجْهُولِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَالَ أَشْهَبُ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمِثَالُ ذَلِكَ لَوْ تَرَكَ دَارًا فَقَالَ سَائِلُ الْوَرَثَةِ لِلزَّوْجَةِ خُذِي خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا عَنْ كَالِئِك وَمِيرَاثِك فِي الدَّارِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي مَا يَقَعُ مِنْ الدَّارِ لِلْعَشَرَةِ الَّتِي هِيَ الْمِيرَاثُ إذَا كَانَ الْكَالِئُ خَمْسَةً وَبِالْعَكْسِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الطِّرَازِ نَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute