للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّلْطَانَ يُزَوِّجُهَا، وَلَا يُكَلِّفُهَا الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنْ لَا زَوْجَ لَهَا، وَلَكِنْ يَسْأَلُ عَنْهَا صُلَحَاءَ أَهْلِ الرُّفْقَةِ فَإِنْ اسْتَرَابَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهَا تَرَكَهَا فَإِنْ كَانَتْ طَارِئَةً عَلَى الْبَلَدِ مُقِيمَةً فِيهِ فَلَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى تَأْتِيَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهَا طَارِئَةٌ، وَأَنَّهَا لَا زَوْجَ لَهَا، وَلَا وَلِيَّ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الطَّارِئَةِ حَتَّى يَثْبُتَ طَلَاقُ زَوْجِهَا لَهَا أَوْ مَوْتُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّارِئَةَ تُصَدَّقُ فِي الزَّوْجِيَّةِ، وَلَا تُصَدَّقُ الْمُقِيمَةُ، وَكَذَلِكَ فِي دَعْوَاهَا أَنَّهَا دُونَ زَوْجٍ، وَقَالَ: وَصَدَقَتْ بِلَا يَمِينٍ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ وَضَعَا إلَّا أَنْ تُكَذِّبَهَا الْعَادَةُ فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ سُئِلَ النِّسَاءُ اهـ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

[زُوِّجَتْ قَبْلَ رُؤْيَتِهَا الْحَيْضَ فَحَمَلَتْ وَوَضَعَتْ وَانْقَطَعَ الْإِرْضَاعُ وَلَمْ تَرَ الْحَيْضَ وَطَلُقَتْ فَبِمَاذَا تَعْتَدُّ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ زُوِّجَتْ قَبْلَ رُؤْيَتِهَا الْحَيْضَ فَحَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَانْقَطَعَ الْإِرْضَاعُ، وَلَمْ تَرَ الْحَيْضَ أَيْضًا، وَطَلُقَتْ فَبِمَاذَا تَعْتَدُّ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ تَرَبُّصِهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ تَمَّتْ السَّنَةُ، وَلَمْ يَأْتِهَا حَيْضٌ، وَلَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ فَقَدْ حَلَّتْ، وَإِنْ أَتَى حَيْضٌ فِيهَا انْتَظَرَتْ حَيْضَةً ثَانِيَةً أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ فَإِنْ تَمَّتْ مِنْ غَيْرِ دَمٍ حَلَّتْ، وَإِنْ حَاضَتْ انْتَظَرَتْ ثَالِثَةً أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ فَتَحِلُّ بِأَقْرَبِهِمَا، وَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ لَمْ تَحِلَّ إلَّا بِوَضْعِهِ، وَقَوْلُهُمْ عِدَّةُ الشَّابَّةِ الَّتِي لَمْ تَرَ الْحَيْضَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَقَطْ يَجِبُ قَصْرُهُ عَلَى مَنْ لَمْ تَحْمِلْ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لِأَنَّ الَّتِي تَحْمِلُ، وَلَا تَحِيضُ لَا تَدُلُّ الثَّلَاثَةُ الْأَشْهُرِ عَلَى بَرَاءَتِهَا مِنْ الْحَمْلِ إنَّمَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهَا مُضِيُّ مُدَّتِهِ الْغَالِبَةِ مِنْ غَيْرِ ظُهُورِهِ، وَهِيَ التِّسْعَةُ الْأَشْهُرُ عَلَى أَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ بِدَمٍ فَقَدْ حَاضَتْ لِقَوْلِ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ الْحَيْضُ غُسَالَةُ الْجَسَدِ يَنْبَعِثُ مِنْ الْعُرُوقِ لِلْفَرْجِ إذَا كَثُرَ فِي الْجَسَدِ فَإِذَا حَصَلَ الْحَمْلُ انْغَلَقَ عَلَيْهِ الرَّحِمُ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ غَالِبًا، وَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ فَيَتَوَلَّدُ مِنْ أَعْدَلِهِ لَحْمُ الْجَنِينِ لِأَنَّ الْأَعْضَاءَ تَتَوَلَّدُ مِنْ الْمَنِيِّ، وَمَا يَلِيه فِي الِاعْتِدَالِ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ لَبَنٌ يَتَغَذَّى مِنْهُ الرَّضِيعُ، وَيَجْتَمِعُ أَكْدَرُهُ فَيَخْرُجُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ اهـ.

فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ دَمَ النِّفَاسِ هُوَ دَمُ الْحَيْضِ بِعَيْنِهِ انْحَبَسَ ثُمَّ خَرَجَ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ بَعْدَهُ فَمَنْ وَلَدَتْ بِدَمٍ فَقَدْ حَاضَتْ، وَمَنْ حَاضَتْ فِي عُمُرِهَا، وَلَوْ مَرَّةً لَا تَكْفِيهَا ثَلَاثَةُ الْأَشْهُرِ.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا، وَأَمَّا لَوْ حَاضَتْ مَرَّةً فِي عُمُرِهَا ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا سِنِينَ كَثِيرَةً لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ وَلَدَتْ أَوْ لَمْ تَلِدْ ثُمَّ طَلُقَتْ فَإِنَّ عِدَّتَهَا بِالْأَقْرَاءِ اهـ.

قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ أَيْ أَوْ سَنَةً بَيْضَاءَ كَمَا فِي صَغِيرِ الْخَرَشِيِّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ أُخْبِرَتْ حَالَ حَيْضِهَا فِي مَرَضِهَا بِمَوْتِ أُمِّهَا فَانْقَطَعَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهِ الْمُعْتَادَةِ لِغَمِّهَا ثُمَّ لَمْ يَأْتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَمَكَثَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ بَعْدَهُ لَمْ تَرَ فِيهَا حَيْضًا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَتَاهَا الْحَيْضُ مَرَّةً لَيْسَ عَلَى أَلْوَانِ الدِّمَاءِ ثُمَّ صَارَ يَأْتِيهَا دَمٌ فِي ثَدْيَيْهَا يُوَرِّمُهُمَا، وَيَنْزِلُ لِسُرَّتِهَا، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ قُبُلِهَا فَهَلْ يُعَدُّ حَيْضًا تَعْتَدُّ بِهِ أَوْ لَا، وَمَا الْحُكْمُ فِيهَا إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نُزُولُ الدَّمِ لِلْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ عَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْ قُبُلِهَا لَا يُعَدُّ حَيْضًا لِاعْتِبَارِهِمْ الْخُرُوجَ مِنْ الْقُبُلِ قَيْدًا فِي مَاهِيَّتِه فَلَا تَعْتَدُّ بِهِ، وَعِدَّتُهَا مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ سَنَةٌ، وَمِنْ الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَمِنْ الثَّالِثِ سِتَّةٌ بَعْدَ الْحَبْسِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>