للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَاهَا إنْ كَانَ إتْيَانُهُ قَبْلَ تَمَامِ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ، وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِهَا أَيْضًا، وَالْحَيْضُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ دَمٌ وَمَاءٌ أَصْفَرُ كَغُسَالَةِ اللَّحْمِ وَمَاءٌ كَدِرٌ يَمِيلُ إلَى السَّوَادِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَعَلَى مَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِغَيْرِ رَضَاعٍ كَمَرَضٍ، وَلَوْ أَمَةً أَوْ اُسْتُحِيضَتْ، وَلَمْ تُمَيِّزْ تَرَبُّصَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ اسْتِبْرَاءً، وَهَلْ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ ارْتِفَاعِ الْحَيْضِ خِلَافٌ ثُمَّ عِدَّتُهَا كَالْيَائِسَةِ لِكِبَرٍ، وَالْبَغْلَةُ خِلْقَةً، وَالصَّغِيرَةُ الْمُطِيقَةُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَالْعِبْرَةُ بِالْهِلَالِ إلَّا أَنْ يَنْكَسِرَ فَالْعَدَدُ وَلَغَا يَوْمٌ سَبَقَ فَجْرَهُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ حَاضَتْ الْمُرْتَابَةُ قَبْلَ الْمُدَّةِ انْتَظَرَتْ الْحَيْضَ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ غَيْرِ مُلَوَّثَةٍ بِدَمٍ اهـ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ أَبْرَأَتْهُ زَوْجَتُهُ مِنْ صَدَاقِهَا فَقَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ ثُمَّ رَاجَعَهَا لَهُ مَالِكِيٌّ جَهْلًا مِنْهُ، وَوَطِئَهَا فَهَلْ إذَا أَرَادَ أَنْ يُجَدِّدَ عَلَيْهَا عَقْدًا لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَعَلَيْهِ فَرَجْعَتُهُ صَحِيحَةٌ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَهُوَ بَائِنٌ، وَرَجْعَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ عَقْدٍ، وَفِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ خِلَافٌ رَجَّحَ عَبْدُ الْبَاقِي الْوُجُوبَ وَالْعَدَوِيُّ وَالْبَنَّانِيُّ عَدَمَهُ، وَنَصَّ عَبْدُ الْبَاقِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ، وَفِي إمْضَاءِ الْوَلِيدِ لِي أَوْ فَسْخِهِ تَرَدُّدٌ، وَإِذَا زَوَّجَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ وَلِيٍّ أَبْعَدُ امْرَأَةً شَرِيفَةَ الْقَدْرِ بِوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ وَلِيِّهَا غَيْرِ الْمُجْبَرِ، وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ، وَلَمْ يُطِلْ وَخُيِّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ كَمَا مَرَّ فَاخْتُلِفَ فِي إيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ فِي إمْضَاءِ الْوَلِيِّ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَاءِ الْفَاسِدِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ، وَمِثْلُهُ وَلِيُّ السَّفِيهِ، وَسَيِّدُ الْعَبْدِ إذَا أَمْضَيَا نِكَاحَهُمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَعَدَمُ إيجَابِهِ أَوْ فِي إيجَابِهِ فِي فَسْخِهِ، وَأَرَادَ تَزَوُّجَهَا بَعْدَهُ، وَعَدَمُ إيجَابِهِ تَرَدُّدٌ، وَالرَّاجِحُ وُجُوبُهُ فِي الْإِمْضَاءِ، وَأَوْلَى فِي فَسْخِهِ لِأَنَّ الْفَسْخَ مُوجِبٌ فِي الْجُمْلَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ، وَقَوْلِي: وَدَخَلَ بِهَا أَيْ وَإِلَّا فَلَا اسْتِبْرَاءَ، وَقَوْلِي: وَأَرَادَ تَزَوُّجَهَا بَعْدَهُ أَيْ أَرَادَ مَنْ فُسِخَ نِكَاحُهُ.

وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ فَسْخِ الْوَلِيِّ فَإِنَّ الْعِدَّةَ وَاجِبَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا، وَكَذَا يَجْرِي الْخِلَافُ فِي نِكَاحِ الْمَغْرُورِ، وَفِي كُلِّ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَسْخٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَا فِي فَاسِدٍ لِصَدَاقِهِ إذَا مَضَى بِالْبِنَاءِ، وَلَا فِي وَطْءٍ حَرَامٍ لِنَحْوِ حَيْضٍ، وَلَا فِيمَا طَرَأَ فِيهِ خِيَارٌ لِلزَّوْجَةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لِحُدُوثِ جُذَامٍ بِالزَّوْجِ بَعْدَهُ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ صَحِيحًا لَازِمًا بِخِلَافِ عَقْدِ الْمَغْرُورِ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ ابْتِدَاءً، وَإِنْ غَرَّ الْمَعِيبَ ثُمَّ ظَهَرَ عَيْبُهُ بَعْدَهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الظَّاهِرِ اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ مَنْشَؤُهُ فَسَادُ الْمَاءِ، وَكَوْنُهُ مَاءَهُ، وَالْوَلَدُ الْمُتَخَلِّقُ مِنْهُ لَاحِقٌ بِهِ فَمَنْ نَظَرَ إلَى الْأَوَّلِ أَوْجَبَ الِاسْتِبْرَاءَ، وَمَنْ نَظَرَ لِلثَّانِي نَفَاهُ، وَعَلَى هَذَا فَتَدْخُلُ صُورَةُ السُّؤَالِ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَالرَّجْعَةُ فِيهَا تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعَقْدِ فَإِنَّ الْمَدَارَ عَلَى الشُّبْهَةِ فَتَدْخُلُ فِي قَوْلِ عَبْدِ الْبَاقِي تَبَعًا لِلْأُجْهُورِيِّ وَالْبَدْرِ، وَفِي كُلِّ فَاسِدٍ إلَخْ، وَقَدْ اقْتَصَرُوا عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ فِي مَسَائِلَ تَدْخُلُ تَحْتَ هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ مِنْهَا مَنْ اشْتَرَى أَمَةً، وَوَطِئَهَا ثُمَّ اسْتَلْحَقَتْ مِنْهُ فَاشْتَرَاهَا مِنْ مُسْتَحَقِّهَا.

سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ كَوْنِهِ يَسْتَمِرُّ عَلَى، وَطْئِهَا أَوْ يَسْتَبْرِئُهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا قَالَ الْبُرْزُلِيِّ، وَلَيْسَتْ كَالْمُودِعَةِ يَشْتَرِيهَا بَعْدَ حَيْضِهَا عِنْدَهُ لِأَنَّهَا مُسْتَبْرَأَةٌ، وَهَذِهِ هُوَ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا، وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ، وَانْظُرْهَا مَعَ مَسْأَلَةِ الْأَبِ يَطَأُ جَارِيَةَ وَلَدِهِ فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا هَلْ يَبْقَى مُرْسَلًا عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْغَيْرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ لِلْأَبِ شُبْهَةً فِي مَالِ وَلَدِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهَا مِلْكُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>