للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الدُّخَانُ لَمْ يُوجَدْ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا فِي أَزْمَانِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بَعْدَهُ، وَلَا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ، وَلَا زَمَنِ التَّابِعِينَ، وَلَا فِي زَمَنِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَلَا فِي زَمَنِ أَصْحَابِهِمْ وَإِنَّمَا حَدَثَ فِي الْقَرْنِ الْعَاشِرِ فَاخْتَلَفَ فِيهِ عُلَمَاؤُهُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِتَحْرِيمِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِكَرَاهَتِهِ وَمِنْهُمْ مِنْ أَفْتَى بِإِبَاحَتِهِ وَاسْتَدَلَّ كُلٌّ عَلَى فَتْوَاهُ بِأَدِلَّةٍ فَهُوَ مِنْ الشُّبُهَاتِ الَّتِي قَالَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ اتَّقَاهَا فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَلِذَا قَالَ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الْأَمِيرُ وَفِي الدُّخَانِ خِلَافٌ، فَالْوَرَعُ تَرْكُهُ فَيَكُونُ تَرْكُهُ مَنْدُوبًا وَنَذْرُ الْمَنْدُوبِ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِهَذَا الشَّخْصِ تَعَاطِيه لِنَذْرِهِ تَرْكَهُ الْمَنْدُوبَ مُعَلِّقًا عَلَى الشِّفَاءِ، وَقَدْ حَصَلَ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ وَالْحَاجَةُ الْمَذْكُورَةُ إنْ كَانَتْ مَيْلَ النَّفْسِ وَمُجَانَسَةَ مَنْ يَتَعَاطَاهُ فَلَا تُبِيحُهُ لَهُ وَإِلَّا لَزِمَ إبَاحَةُ كُلِّ مَمْنُوعٍ لِذَلِكَ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا، وَإِنْ كَانَتْ التَّدَاوِيَ بِهِ كَمَا قِيلَ بِهِ فَهُوَ كَذِبٌ مَحْضٌ فَقَدْ نَصَّ حُذَّاقُ الْأَطِبَّاءِ عَلَى أَنَّهُ يَضُرُّ، وَلَا يَنْفَعُ لِشَيْءٍ مِنْ الْعِلَلِ وَأَنَّهُ يُحْدِثُ عِلَلًا لَا تَسْكُنُ إلَّا بِهِ فَنَظِيرُ مُتَعَاطِيهِ مَنْ مَزَّقَ ثَوْبًا صَحِيحًا وَاحْتَاجَ إلَى تَرْقِيعِهِ وَيَدُلُّك عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّ مِنْ شَأْنِ الدَّوَاءِ قَطْعَ الدَّاءِ وَكَرَاهَةَ النَّفْسِ لَهُ وَتَرْكَهُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ الشِّفَاءِ وَلَيْسَ الدُّخَانُ كَذَلِكَ إذْ مَنْ اعْتَادَهُ لَا يَسْتَطِيعُ تَرْكَهُ إلَّا إنْ كَانَ نَائِمًا فَهُوَ الدَّاءُ الَّذِي لَا دَوَاءَ لَهُ إلَّا تَرْكُهُ وَاللَّهْوُ عَنْهُ كَوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ اسْتَجَرْت مِنْهُ بِاسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

[فِيمَا يُعْطَى لسدنة الْكَعْبَة ة الْمُشَرَّفَةِ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا يُعْطَى لِسَدَنَةِ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ الَّذِينَ خَصَّهُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهَا بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] فَأَدَّاهَا لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ «خُذُوهَا يَا بَنِي طَلْحَةَ خَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إلَّا ظَالِمٌ» ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُوا مِمَّا يَصِلُ إلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ بِالْمَعْرُوفِ» وَقَدْ جَرَتْ عَادَتْهُمْ بِحِيَازَةِ رَئِيسِهِمْ الْمِفْتَاحَ وَتَوَلِّيهِ الْفَتْحَ وَالْغَلْقَ وَاسْتِلَامَ مَا يَصِلُ إلَيْهِمْ مِنْ الْبَيْتِ فَهَلْ يَخْتَصُّ بِهِ أَمْ لَا؟ وَإِذَا قُلْتُمْ لَا فَهَلْ يُسَوَّى صَغِيرُهُمْ بِكَبِيرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ بِذَكَرِهِمْ أَوْ يُخَصُّ ذُكُورُهُمْ وَقَدْ جَرَتْ عَادَتْهُمْ بِقِسْمَةِ مَا يَصِلُ إلَيْهِمْ بِهِ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَزِيَادَةِ الرَّئِيسِ سَهْمًا فِي نَظِيرِ حِفْظِهِ الْمِفْتَاحَ وَمُبَاشَرَتِهِ الْفَتْحَ وَالْغَلْقَ فَهَلْ لَهُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ وَالِاخْتِصَاصُ بِمَا يُعْطَاهُ لِتِلْكَ الْوِلَايَةِ أَوْ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا اعْتَادُوهُ فِي الْقِسْمَةِ وَلَوْ قَالَ الْمُعْطِي إنَّهُ لَهُ خَاصَّةً لِجَهْلِهِ الشَّرْعَ وَالْعَادَةَ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَابَ عَنْهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ دَحْلَانُ رَئِيسُ مُدَرِّسِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمُفْتِي الشَّافِعِيَّةِ بِهِ بِمَا نَصُّهُ: اعْلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>