للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَارِثِ فِي الْمَرَضِ، أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُنَفِّذُوهَا، فَإِنْ نَفَّذُوهَا ثُمَّ ادَّعَوْا الْجَهْلَ فَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ أَوْصَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْهِبَاتِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيمَا أَنْفَذَ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ جَهِلَ قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَصَايَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الِابْنِ الَّذِي فِي عِيَالِ الرَّجُلِ فَأَذِنَ لَهُ فِي مَرَضِهِ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ نَفَّذَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ.

وَالثَّانِي أَنَّهُ يَرْجِعُ إنْ كَانَ يُشْبِهُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْجَهْلِ مَعَ يَمِينِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ وَهِيَ يَمِينُ تُهْمَةٍ إلَّا أَنْ يُحَقِّقُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ أَنْفَذَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ. وَقِيلَ: بِغَيْرِ يَمِينٍ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ جَهِلَ ذَلِكَ اهـ. الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَزِمَ إجَازَةُ الْوَارِثِ فِي مَرَضٍ لَمْ يَصِحَّ بَعْدَهُ إلَّا لِتَبَيُّنِ عُذْرٍ بِكَوْنِهِ فِي نَفَقَتِهِ، أَوْ دَيْنِهِ أَوْ سُلْطَانِهِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَنْ يَجْهَلُ مِثْلُهُ أَنَّهُ جَهِلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ لَا بِصِحَّةٍ، وَلَوْ لِكُفْرٍ، وَهُوَ بَيِّنٌ مِمَّا تَقَدَّمَ.

الثَّانِي: إذَا قُلْنَا لَا يَلْزَمُ إذْنُ مَنْ فِي عِيَالِهِ وَنَحْوِهِ فَهَلْ يَحْلِفُ ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي الِابْنِ الْكَبِيرِ إذَا كَانَ فِي عِيَالِ أَبِيهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ خِيفَةً مِنْهُ أَنْ يَصِحَّ فَيَقْطَعُ عَنْهُ مَعْرُوفَهُ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَفِي الِابْنِ الْكَبِيرِ فِي عِيَالِهِ قَوْلَانِ، وَعَلَى الرُّجُوعِ يَحْلِفُ مَا أَجَازَ إلَّا خَوْفًا مِنْهُ اهـ. وَحُكْمُ غَيْرِ الِابْنِ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّالِثُ: إذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ إذَا كَانَ الْمُجِيزُ مَالِكًا لِأَمْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَرَكَ إرْثَهُ لِشَخْصٍ فِي حَيَاةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ وَهَبَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ]

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) مَنْ تَرَكَ إرْثَهُ لِشَخْصٍ فِي حَيَاةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ، أَوْ وَهَبَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ، فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ قَالَ مَا أَرِثُ مِنْ فُلَانٍ صَدَقَةٌ عَلَيْك وَفُلَانٌ صَحِيحٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ. وَقَالَ فِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْهِبَاتِ وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَاسْتَوْهَبَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ مِيرَاثَهُمَا مِنْهُ فَفَعَلَتَا وَوَهَبَتَا لَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ مَاتَ فَلِمَنْ تَرَاهُ قَالَ أَرَاهُ لِلْمَرْأَتَيْنِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا وَمَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَفْعَلَ الرَّجُلُ مِثْلَ هَذَا أَيَسْأَلُ امْرَأَتَهُ أَنْ تَهَبَ لَهُ مِيرَاثَهَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مِثْلُ مَا قَالَهُ فِي الْمُوَطَّإِ، وَهُوَ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إنَّمَا هُوَ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى مَنْ يُحِبُّ مِنْ وَرَثَتِهِ سِوَاهُمَا وَغَيْرِهِمَا إذْ لَا حَاجَةَ لَهُ إلَى مِيرَاثِهِمَا مِنْهُ سِوَى ذَلِكَ، فَإِذَا لَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَيْءٍ حَتَّى مَاتَ كَانَ مَرْدُودًا عَلَيْهِمَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اسْتَأْذَنَ وَرَثَتَهُ أَنْ يُوصِيَ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَأَذِنُوا لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَلْزَمْ فِيمَا أَذِنُوا لَهُ فِيهِ شَيْءٌ، وَقَدْ مَضَى فِي رَسْمِ الْعِتْقِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ الْقَوْلُ مُسْتَوْفًى فِي هِبَةِ الْوَارِثِ مِيرَاثَهُ فِي مَرَضٍ الْمَوْرُوثَ، أَوْ فِي صِحَّتِهِ اهـ. وَنَصُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>