للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْأَبِ عَلَى الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْتِزَامِهَا إبْرَاءُ الْأَبِ مِنْ مُؤْنَتِهِ وَقِيلَ لِلْأَبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَبِهِ الْقَضَاءُ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ سَلَّمُونِ وَفِي مَسَائِلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي رَجُلٍ اخْتَلَفَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ وَأَسْقَطَتْ عَنْهُ مُؤْنَةَ حَمْلٍ إلَى فِطَامِهِ ثُمَّ أَثْبَتَتْ أَنَّهَا عَدِيمَةٌ أَيَلْزَمُ الزَّوْجَ النَّفَقَةُ عَلَى الْحَمْلِ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى تَضَعَ وَكَيْفَ إنْ كَانَتْ أَشْهَدَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَنَّهَا مَوْفُورَةُ الْمَالِ وَأَنَّهَا مَتَى أَثْبَتَتْ أَنَّهَا عَدِيمَةٌ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ؟

فَأَجَابَ إنْ ثَبَتَ عَدَمُهَا لَزِمَ الزَّوْجَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا وَيَتْبَعُهَا بِمَا أَنْفَقَ إذَا أَيْسَرَتْ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَشْهَدَتْ بِالْوُفُورِ كَمَا ذَكَرَتْ فَلَا تَنْتَفِعُ بِمَا يَشْهَدُ لَهَا مِنْ الْعَدَمِ حَتَّى يَشْهَدُوا بِمَعْرِفَةِ ذَهَابِ مَالِهَا وَوُفُورِ حَالِهَا الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ اهـ.

قُلْت وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ تَكُونُ الْمَرْأَةُ مَجْهُولَةً وَلَمْ يَشْهَدْ بِعَدَمِهَا إلَّا شَاهِدَانِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ أَمَّا إنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً بِالْإِعْسَارِ وَالْعَدَمِ بِحَيْثُ يَشْهَدُ بِذَلِكَ غَالِبُ مَنْ يَعْرِفُهَا وَيَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ مَا شَهِدَتْ بِهِ مِنْ الْوُفُورِ كَذِبٌ مَحْضٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا أَشْهَدَتْ بِهِ مِنْ الْوُفُورِ، وَلَا إلَى قَوْلِهَا أَنَّهَا مَتَى أَثْبَتَتْ أَنَّهَا عَدِيمَةٌ أَنَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا وَهَذَا ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَامِلٌ فَأَقَامَ شَهْرًا ثُمَّ بَارَأَهَا عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا إرْضَاعَ وَلَدِهَا]

(فَرْعٌ) قَالَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَامِلٌ فَأَقَامَ شَهْرًا ثُمَّ بَارَأَهَا عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا إرْضَاعَ وَلَدِهَا فَطَلَبَتْهُ بِنَفَقَةِ مَا مَضَى مِنْ الشُّهُورِ قَبْلَ الْمُبَارَأَةِ فَقَالَ ذَلِكَ لَهَا، قِيلَ لَهُ أَرَأَيْت إذَا قَالَتْ لَهُ إنَّمَا بَارَأْتُك عَلَى رَضَاعِهِ فَأَمَّا نَفَقَةُ حَمْلِهِ فَلَا، قَالَ أَمَّا نَفَقَةُ حَمْلِهَا قَبْلَ الْمُبَارَأَةِ فَذَلِكَ لَهَا وَأَمَّا بَعْدَ الْمُبَارَأَةِ فَإِنَّهُ يُعْرَفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَيُعْطِيهَا هَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ أَمَّا مَا مَضَى مِنْ نَفَقَةِ حَمْلِهَا قَبْلَ الْمُبَارَأَةِ فَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَهُمَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ لَهَا عَلَيْهِ فَلَا تَسْقُطُ إلَّا بِمَا تَسْقُطُ بِهِ الْحُقُوقُ الْوَاجِبَةُ عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ مَا بَقِيَ مِنْ الْحَمْلِ بَعْدَ الْمُبَارَأَةِ فَجَعَلَهَا تَبَعًا لِمَا الْتَزَمَتْ لَهُ مِنْ رَضَاعِهِ بِمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْعُرْفِ وَالْمَقْصِدِ، فَإِنْ وَقَعَ الْأَمْرُ مَسْكُوتًا عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِهِمْ فِيمَنْ أَكْرَى دَارًا مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَاةً إنْ ذَكَرَ كِرَاءَ سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ بَرَاءَةً لِلدَّافِعِ مِمَّا قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ وَلَمْ يُخَالِعْهَا فَدَفَعَ لَهَا نَفَقَةَ الرَّضَاعِ لَكَانَ ذَلِكَ بَرَاءَةً لَهُ مِنْ نَفَقَةِ الْحَمْلِ الْمُتَقَدِّمَةِ اهـ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَلَمْ يُحْكَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ إرْخَاءِ السُّتُورِ: وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ لَا نَفَقَةَ لِلْوَلَدِ إذَا وَلَدَتْهُ هَلْ يَكُونُ لَهَا الْآنَ نَفَقَةُ الْحَمْلِ فَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا الْآنَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونَ وَالْمُغِيرَةُ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ لَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَذْكُرْ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ لَهَا حَقَّيْنِ خَالَعَتْ عَلَى أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>