أَسْقَطَتْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَسْقُطْ الْآخَرُ اهـ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى وَمَنْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَعَلَيْهَا نَفَقَتُهُ فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَطْلُبَهُ بِنَفَقَةِ الْحَمْلِ وَصَدَاقُهَا عَلَيْهِ فَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَا نَفَقَةُ حَمْلٍ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ لَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ، وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ وَوَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ أَنَّهَا لَمْ تَشْتَرِطْ بَقَاءَهُ فَكَانَ الظَّاهِرُ إسْقَاطَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ عَنْهَا بِتَرْكِ مَا فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى زَادَتْ نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذِمَّتِهِ، وَوَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا أَنَّهَا قَدْ أَسْقَطَتْ نَفَقَةَ الْوَلَدِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَبِأَنْ يَسْقُطَ مَا وَجَبَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ أَوْلَى كَمَا قُلْت فِي الصَّدَاقِ أَنَّهَا إذَا أَسْقَطَتْ نَفَقَةَ الْحَوْلَيْنِ اقْتَضَى ذَلِكَ إسْقَاطَ الصَّدَاقِ وَوَجْهُ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ عَنْهُ نَفَقَةً مُقَرَّرَةً وَهِيَ نَفَقَةُ الْحَوْلَيْنِ فَلَا يَتَعَدَّى الْإِسْقَاطُ إلَى غَيْرِهَا وَإِلَى مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا، وَلَا وَجَبَ بِسَبَبِهَا؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْحَمْلِ فِي غَيْرِ مُدَّةِ الْحَوْلَيْنِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْحَوْلَيْنِ وَاجِبَةٌ بِغَيْرِ سَبَبِهَا، وَلَا يُشْبِهُ هَذَا مَا سَقَطَ مِنْ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ وَجَبَ لَهَا وَتَقَرَّرَ وَنَفَقَةُ الْحَمْلِ لَمْ تَجِبْ فَلَا تَسْقُطُ إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهَا اهـ كَلَامُ الْبَاجِيِّ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي الِاتِّفَاقَ عَلَى سُقُوطِ الصَّدَاقِ.
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ إرْخَاءِ السُّتُورِ أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَنَّ لِلزَّوْجِ الْعَشَرَةَ وَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا سَوَاءٌ قَالَتْ مُطْلَقًا أَوْ اشْتَرَطَتْ الْعَشَرَةَ مِنْ صَدَاقِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا خَالَعَتْهُ عَلَى عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَهَلْ يَقْتَضِي ذَلِكَ سُقُوطَ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَتَرُدُّ الصَّدَاقَ جَمِيعَهُ إنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ لَا يَقْتَضِي ذَلِكَ سُقُوطَ النِّصْفِ فَلَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ سَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ، وَلَهُ عَلَيْهَا الْعَشَرَةُ الَّتِي خَالَعَتْهُ عَلَيْهَا وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ قَبَضَتْهُ فَيَكُونَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ جَوَابًا لَمَّا اسْتَحْسَنَ قَوْلَ أَشْهَبَ بِعَدَمِ سُقُوطِ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَقَالَ: لِأَنَّ قَوْلَهَا اخْلَعْنِي أَوْ بَارِئْنِي أَوْ تَارِكْنِي إنَّمَا يَتَضَمَّنُ خَلْعَ النَّفْسِ وَالْإِبْرَاءَ مِنْ الْعِصْمَةِ وَالْمُتَارَكَةَ فِيهَا فَلَيْسَ الِانْخِلَاعُ مِنْ الْمَالِ، وَلَا الْإِبْرَاءُ مِنْهُ، وَلَا الْمُتَارَكَةُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَسَقَطَ عَنْهُ الصَّدَاقُ إذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ دُيُونِهَا وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الِانْخِلَاعَ وَالْمُبَارَأَةَ وَالْمُتَارَكَةَ أَنَّهَا يُرَادُ بِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ النَّفْسُ دُونَ الْمَالِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَقُّهَا فِي النِّصْفِ قَبْلَ الدُّخُولِ ثَابِتًا، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَكَانَ لَهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَتْ اخْلَعْنِي أَوْ بَارِئْنِي لَا خِلَافَ أَنَّ دَيْنَهَا بَاقٍ اهـ.
فَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا لَا يَسْقُطُ صَدَاقُهَا بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ مَنْ خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى شَيْءٍ أَعْطَتْهُ لَهُ مِنْ مَالِهَا عَبْدًا أَوْ غَيْرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute