الْأَخْبَارِ الَّتِي اتَّخَذُوهَا مِنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ وَهَذِهِ الْأُمَّةُ الشَّرِيفَةُ زَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى شَرَفًا بِنَبِيِّهَا إنَّمَا تَنُصُّ الْحَدِيثَ عَنْ الثِّقَةِ الْمَعْرُوفِ فِي زَمَانِهِ بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ عَنْ مِثْلِهِ حَتَّى تَتَنَاهَى أَخْبَارُهُمْ ثُمَّ يَبْحَثُونَ أَشَدَّ الْبَحْثِ حَتَّى يَعْرِفُوا الْأَحْفَظَ فَالْأَحْفَظَ، وَالْأَضْبَطَ فَالْأَضْبَطَ وَالْأَطْوَلَ مُجَالَسَةً لِمَنْ فَوْقَهُ مِمَّنْ كَانَ أَقْصَرَ مُجَالَسَةً ثُمَّ يَكْتُبُونَ الْحَدِيثَ مِنْ عِشْرِينَ وَجْهًا وَأَكْثَرَ حَتَّى يُهَذِّبُوهُ مِنْ الْغَلَطِ وَالزَّلَلِ وَيَضْبِطُوا حُرُوفَهُ وَيَعُدُّوهُ عَدًّا فَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ فَنَسْتَوْدِعُ اللَّهَ تَعَالَى شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ نِعْمَةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ لَمْ يَكُنْ فِي أُمَّةٍ مِنْ الْأُمَمِ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ أُمَنَاءُ يَحْفَظُونَ آثَارَ الرُّسُلِ إلَّا فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ وَمِنْهَا تَصْنِيفُ الْكُتُبِ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ انْتَهَى. وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[الْأَطْفَالِ هَلْ يُسْأَلُونَ فِي قُبُورِهِمْ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الْأَطْفَالِ هَلْ يُسْأَلُونَ فِي قُبُورِهِمْ؟
جَوَابُهُ: الَّذِي جَزَمَ بِهِ السُّيُوطِيّ أَنَّهُمْ يُسْأَلُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا تَقُولُ) فِي سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ هُنَاكَ مَخْلُوقٌ أَفْضَلُ مِنْهُ وَإِذَا قُلْتَ لَا مَخْلُوقَ أَفْضَلَ مِنْهُ فَمَا تَقُولُ فِيمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ مَخْلُوقًا أَفْضَلُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا الْحُكْمُ فِيهِ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أَفْضَلِ خَلْقِ اللَّهِ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ بَاقِي الْمَخْلُوقِينَ مِنْ الْإِنْسِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَشَاعَتْ أَفْضَلِيَّتُهُ وَذَاعَتْ، وَصَارَتْ كَالْمَعْلُومَاتِ الضَّرُورِيَّةِ حَتَّى عِنْدَ الْعَوَامّ فَإِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَصْرُخُونَ بِهَا عَلَى الْمَآذِن لَيْلًا وَنَهَارًا وَصَبَاحًا وَمَسَاءً وَالْمَدَّاحِينَ كَذَلِكَ فِي الْأَزِقَّةِ وَالطُّرُقِ، وَدَلَائِلُ الْخَيْرَاتِ مَشْحُونَةٌ بِذَلِكَ وَنُسَخُهَا كَثِيرَةٌ وَقِرَاءَتُهَا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ بِرَفْعِ الْأَصْوَاتِ شَهِيرَةٌ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ اعْتِقَادُهَا وَمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْهَا وَجَحَدَهَا بَعْدَ التَّعْلِيمِ فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ تَابَ نَجَا وَإِلَّا قُتِلَ بِالسَّيْفِ قَالَ الْبُرْهَانُ اللَّقَانِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي جَوْهَرَةِ التَّوْحِيدِ:
وَأَفْضَلُ الْخَلْقِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ... نَبِيُّنَا فَمِلْ عَنْ الشِّقَاقِ
أَفْضَلِيَّتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ مِمَّا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَأَقَامَ عَلَيْهِ قَوَاطِعَ الْأَدِلَّةِ الْمُحَقِّقُونَ قَالَ الْبَدْرُ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْخِلَافِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْمَلَكِ وَالْبَشَرِ ثُمَّ قَالَ اللَّقَانِيُّ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ وَظَوَاهِرُهُ كَقَوْلِ النَّوَوِيِّ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِقَادِ التَّفْضِيلِ مُفِيدَةٌ لِوُجُوبِهِ وَانْظُرْ مَا حُكْمُ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْهُ كَذَلِكَ فَإِنِّي لَا أَسْتَحْضِرُهُ الْآنَ وَلَا يَبْعُدُ تَفْسِيقُهُ وَتَبْدِيعُهُ إنْ أَصَرَّ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِلْمِ وَأَمَّا خَرْقُ الْإِجْمَاعِ فَفِيهِ مَا يَأْتِي انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ السَّلَامِ فِي هِدَايَةِ الْمُرِيدِ لِجَوْهَرَةِ التَّوْحِيدِ الظَّاهِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute