مِنْ الْخَرَاجِ مُدَّةَ الْبَوَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِمِثْلِهِ أَجَابَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ السِّجَاعِيُّ الشَّافِعِيُّ.
[رَهْنُ الطِّينِ فِي الدَّرَاهِمِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رِزْقِهِ بَعْضُهَا عَلَى عَمَلٍ وَبَعْضُهَا عَلَى الْبِرِّ وَالصَّدَقَةُ رَهَنَهَا عِنْدَ آخَرَ فِي دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ وَعَقَارٍ لَا يُوفِي بِهَا فَهَلْ تَضِيعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْأُجْرَةِ عَنْ مُدَّةِ زِرَاعَتِهِ فِيهَا زِيَادَةً عَنْ الْخَرَاجِ حَسْبَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمَحَلِّ وَإِذَا فَدَى رَجُلٌ سِلْعَةً مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ بِدَرَاهِمَ قَاصِدًا الرُّجُوعَ بِهَا عَلَى رَبِّ السِّلْعَةِ ثُمَّ تَنَازَعَا فَلِمَنْ يَكُونُ الْقَوْلُ مِنْهُمَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ سَيِّدِي أَحْمَدُ الدَّرْدِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. . . رَهْنُ الطِّينِ فِي الدَّرَاهِمِ عَلَى الْوَجْهِ الْوَاقِعِ الْآنَ بَيْنَ النَّاسِ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ يُحَاسَبُ الْمُرْتَهِنُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مُدَّةَ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ زِيَادَةً عَلَى الْخَرَاجِ وَيَحْسِبُ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ وَيَرْجِعُ الطِّينُ لِأَصْلِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ رَجَعَ بِهِ فِي التَّرِكَةِ وَيَرْجِعُ لِلْمُحَاسَبَةِ وَالْقَوْلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ قَوْلُ دَافِعِ الدَّرَاهِمِ بِيَمِينِ أَنَّهُ دَفَعَ لِيَرْجِعَ بِهَا ثُمَّ إنْ كَانَ يُمْكِنُ تَخْلِيصُ السِّلْعَةِ بِلَا شَيْءٍ أَخَذَهَا رَبُّهَا وَضَاعَتْ الدَّرَاهِمُ عَلَى الدَّافِعِ أَوْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى مَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ تَخْلِيصُهَا إلَّا بِالدَّرَاهِمِ لَمْ يَأْخُذْهَا رَبُّهَا إلَّا إذَا دَفَعَهَا لِمَنْ خَلَّصَهَا، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ -.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا يُفْعَلُ فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ مِنْ دَفْعِ الرَّجُلِ لِآخَرَ دَرَاهِمَ وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِطْعَةَ أَرْضٍ يَزْرَعُهَا وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ رَهْنًا وَكُلَّمَا طَلَبَ رَبُّ الْأَرْضِ دَرَاهِمَ يَدْفَعُهَا لَهُ وَيَضُمُّهَا إلَى الدَّرَاهِمِ الْأُولَى فَإِذَا أَتَى رَبُّ الْأَرْضِ بِجَمِيعِ الدَّرَاهِمِ أَخَذَ أَرْضَهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْئًا فَهَلْ ذَلِكَ صَحِيحٌ، أَوْ فَاسِدٌ وَإِذَا قُلْتُمْ بِالْفَسَادِ فَهَلْ إذَا تَلِفَتْ الْأَرْضُ بِأَنْ أَخَذَهَا الْبَحْرُ يَأْخُذُ دَرَاهِمَهُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ تَضِيعُ عَلَيْهِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ ذَلِكَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ وَإِذَا أَخَذَ الْبَحْرُ الْأَرْضَ فَضَمَانُهَا مِنْ رَبِّهَا؛ لِأَنَّهَا مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا دَخْلَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُ دَرَاهِمِهِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ لَكِنْ تُحْسَبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي زَرَعَهَا فِيهَا مِنْ ابْتِدَاءِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا إلَى أَخْذِ الْبَحْرِ إيَّاهَا فَيَتَقَاصَّانِ وَمَنْ زَادَ لَهُ شَيْءٌ أَخَذَهُ مِنْ صَاحِبِهِ، وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ - وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ رَهَنَ طِينًا لِرَجُلٍ آخَرَ ثُمَّ إنَّ الرَّجُلَ الْآخَرَ رَهَنَ ذَلِكَ الطِّينَ وَصَارَ يَزْرَعُهُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي ثَمَانِ سِنِينَ فَهَلْ إذَا أَرَادَ وَرَثَةُ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ دَفْعَ مَا رَهَنَ بِهِ الطِّينَ وَأَخَذَهُ يُجَابُونَ لِذَلِكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ يُجَابُونَ لِذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِفَسَادِ الرَّهْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَهُوَ صَرِيحُ الرِّبَا الْمُحَرَّمِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ وَتُحْسَبُ أُجْرَةُ الثَّمَانِ سِنِينَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي مِنْ أَصْلِ دَيْنِهِ فَإِنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ أَخَذَهُ وَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ شَيْءٌ دَفَعَهُ لِوَرَثَةِ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ زَرَعَ قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ الثَّانِي وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ اسْتَوَى الدَّيْنَانِ الْمَرْهُونُ فِيهِمَا، فَإِنْ زَادَ الثَّانِي لَمْ يَلْزَمْ وَرَثَةَ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ إلَّا مَا عَلَى مُوَرِّثِهِمْ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ بِبَاقِي دَيْنِهِ وَإِنْ زَادَ الْأَوَّلُ دَفَعَ وَرَثَةُ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ جَمِيعَ مَا عَلَى مُوَرِّثِهِمْ وَهُوَ يَدْفَعُ لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي مَا لَهُ عَلَيْهِ، أَوْ لِلْمُرْتَهِنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute