[فَرْعٌ زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ يُشَوِّرَهَا الْأَبُ بِمِائَةِ دِينَارٍ]
فَرْعٌ) مَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ يُشَوِّرَهَا الْأَبُ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَيَكُونُ النِّكَاحُ صَحِيحًا وَتَلْزَمُهُ الْمِائَةُ.
قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْأَنْكِحَةِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ أُتْبِعَ بِهَا دَيْنًا وَذُكِرَ قَبْلُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: أَوْ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا الزَّوْجُ بِصَدَاقٍ وَكَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِأَنَّ الْأَبَ يُجَهِّزهَا بِضَعْفِ ذَلِكَ أَوْ نَحْوِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلِلزَّوْجِ الْقِيَامُ بِذَلِكَ وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَفِيهِ فَوَائِدُ نَبَّهْنَا عَلَيْهَا هُنَاكَ.
[فَرْعٌ الْبَيْعُ بِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِفُلَانٍ]
(فَرْعٌ) وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى عُقْدَةِ الْبَيْعِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ حِينَئِذٍ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى غَرَرٍ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ، أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِفُلَانٍ، أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ نَاجِزًا إذْ لَا غَرَرَ فِي ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ، أَوْ بِشَرْطِ الْكِتَابَةِ، أَوْ بِشَرْطِ التَّدْبِيرِ، أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَتَّخِذَ الْأَمَةَ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَهَبَ الْمَبِيعَ لِفُلَانٍ، أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ أَجَلٍ بَعِيدٍ، أَوْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخْرِجَ الْعَبْدَ، أَوْ الْجَارِيَةَ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ مُفَصَّلًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْخَاتِمَةِ فِي الشُّرُوطِ الْمُنَافِيَةِ لِمُقْتَضَى الْبَيْعِ.
وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ هَذَا الِالْتِزَامُ إذَا عُلِّقَ عَلَى شَيْءٍ مَجْهُولٍ وَكَانَ الِالْتِزَامُ مُقَارِنًا لِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ إجَارَةٍ، أَوْ سَلَمٍ، أَوْ نَحْوِهِ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مُدَّةً وَالْتَزَمَ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ فِيهَا خَلَلٌ كَانَ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ، أَوْ بَعْضُهُ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَالْتَزَمَ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ خَلَلٌ فِي دَارٍ لَهُ أُخْرَى كَانَ عَلَيْهِ عِمَارَتُهُ، فَهَذَا الْتِزَامٌ بَاطِلٌ وَالْعَقْدُ الْمُقَارِنُ لَهُ فَاسِدٌ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ الْتَزَمَ الْكَفَّارَةَ عَنْ غَيْرِهِ إذَا حَنِثَ فَحَنِثَ]
(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ: مَنْ الْتَزَمَ الْكَفَّارَةَ عَنْ غَيْرِهِ إذَا حَنِثَ فَحَنِثَ لَزِمَ الْمُلْتَزِمَ الْوَفَاءُ بِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ اهـ.
قُلْت: قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ يُرِيدُ إنْ أَخْرَجَهَا الْمُلْتَزِمُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا وَامْتَنَعَ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إجْبَارِهِ عَلَى إخْرَاجِهَا فَيَلْزَمُ الْحَالِفَ أَنْ يُخْرِجَهَا وَيَرْجِعَ عَلَى الْمُلْتَزِمِ مَتَى قَدِرَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنَّمَا ذَكَرْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ قَدْ لَا يَكُونُ مِنْ فِعْلِ الْمُلْتَزِمِ وَلَا الْمُلْتَزَمِ لَهُ فَهِيَ مِنْ بَابِ الِالْتِزَامِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي فِيهِ مَنْفَعَةُ الْمُلْتَزَمِ لَهُ بِفَتْحِ الزَّايِ وَتَقَدَّمَتْ فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ مَسْأَلَةُ ابْنِ رُشْدٍ فِيمَنْ الْتَزَمَ الْعَفْوَ عَمَّنْ سَبَّهُ إذَا شَهِدَ لَهُ الشُّهُودُ بِالسَّبِّ فَرَاجِعْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا مَنْ الْتَزَمَ ضَمَانَ مَا ضَاعَ مِنْ شُورَةِ زَوْجَتِهِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَرَى أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْوَجْهِ الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَجَلِ أَنَّهُ خَشِيَتْ عَلَيْهَا الزَّوْجَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا إنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ