للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَرَاهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهَا إلَى آخِرِ الْأَوْجُهِ الَّتِي فِي السُّؤَالِ لِدَلَالَةِ بِسَاطِ تَعْلِيقِهِ عَلَى تَقْيِيدِ الْجَارِيَةِ بِكَوْنِهَا فِي مِلْكِ أُمِّ زَوْجَتِهِ، وَتَخْدُمُ فِي بَيْتِهِ مَجَّانًا فَهُوَ مُعَلِّقٌ الطَّلَاقَ عَلَى رُؤْيَتِهَا فِي بَيْتِهِ مَا دَامَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ بِالتَّعْلِيقِ قَطْعُ الْمِنَّةِ فَإِنْ اشْتَرَاهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهَا أَوْ ظَهَرَتْ حُرِّيَّتُهَا خَرَجَتْ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهَا مُعَلَّقًا عَلَيْهَا لِانْقِطَاعِ الْمِنَّةِ بِذَلِكَ، وَقَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ اعْتِبَارُ الْبِسَاطِ مُقَيِّدًا لِلْمُطَلِّقِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْمَعَانِي بِالْحَالِ، وَالْمَقَامِ، وَقَرِينَةِ السِّيَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[كَتَبَ زَوْجَتُهُ فُلَانَةُ طَالِقٌ طَلْقَةً صَادَفَتْ الثَّلَاثَ لَكِنَّهَا لَمْ تُصَادِفْ الثَّلَاثَ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ كَتَبَ: زَوْجَتُهُ فُلَانَةُ طَالِقٌ طَلْقَةً صَادَفَتْ الثَّلَاثَ لَكِنَّهَا لَمْ تُصَادِفْ الثَّلَاثَ فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَبَعْدَ قَوْلِهِ لَكِنَّهَا إلَخْ نَدَمًا فَيَكُونُ لَغْوًا هَذَا مُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِالْأَوَّلِ، وَالثَّانِي نَدَمٌ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ يَحْلِفُ مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا تَكْرَارًا، ثُمَّ هُوَ عَلَى يَمِينِهِ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ أَبْيَنُ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَا كَانَ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا لِظَنِّهِ تَقَدُّمَ طَلْقَتَيْنِ مِنْهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ عَدَمَهُ، وَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِنْتَ شَخْصٍ، وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً مِنْ الزَّمَنِ، ثُمَّ أَرَادَ ذَلِكَ الشَّخْصُ طَلَاقَ ابْنَتِهِ مِنْ زَوْجِهَا قَهْرًا عَنْهُ، وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا لَيَفْعَلَنَّ بِهِ مَا لَا يَنْبَغِي، وَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا بِالْمَدَاسِ، وَغَيْرِهِ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ فَفَرَّ هَارِبًا فَنَهَبَ مَتَاعَهُ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِ أَعْرَابًا مِنْ الْبَوَادِي لِيَقْتُلُوهُ فَصَارَ الْبَحْثُ عَلَيْهِ حَتَّى وَقَعَ فِي يَدِ أَبِي الزَّوْجَةِ فَأَكْرَهَهُ عَلَى الطَّلَاقِ فَطَلَّقَهَا خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَأَكْرَهَهُ عَلَى التَّثْلِيثِ فَثَلَّثَ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ، وَثِيقَةً بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَالْحَالُ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا رَغْبَةَ لَهَا فِي الطَّلَاقِ فَهَلْ إنْ صَحَّ مَا ذُكِرَ يَكُونُ الطَّلَاقُ غَيْرَ وَاقِعٍ لِوُجُودِ الْإِكْرَاهِ خُصُوصًا مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْإِكْرَاهِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ إنْ صَحَّ مَا ذُكِرَ يَكُونُ الطَّلَاقُ غَيْرَ وَاقِعٍ لِوُجُودِ الْإِكْرَاهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنُ سَلْمُونٍ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَةَ رَجُلٍ آخَرَ بِحَضْرَتِهِ، وَهُوَ سَاكِتٌ فَهَلْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ سُكُوتُهُ رِضًا مِنْهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِطَلَاقِ الْفُضُولِيِّ إيَّاهَا بِحَضْرَتِهِ، وَهُوَ سَاكِتٌ، وَلَا يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ لِإِجَازَةٍ؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ، وَسُكُوتَهُ يُغْنِي عَنْهَا كَمَا فِي الشَّبْرَخِيتِيِّ عَنْ الْفِيشِيِّ.

وَنَصُّهُ: وَطَلَاقُ الْفُضُولِيِّ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ كَبَيْعِهِ إلَّا أَنْ يُطَلِّقَ بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ، وَهُوَ عَالِمٌ سَاكِتٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ، وَلَا يُتَوَقَّفُ اهـ.

وَتَوَقُّفُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ إنْ وَقَعَ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ حُضُورِهِ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِ، وَعَدَمُ تَوَقُّفِهِ عَلَيْهَا فِي حُضُورِهِ عَالِمًا بِهِ كِلَاهُمَا مَأْخُوذٌ مِنْ تَشْبِيهِهِ بِالْبَيْعِ فِي الْمُخْتَصَرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْبَيْعِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى سَيِّدِي مُصْطَفَى الْبُولَاقِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا نَصُّهُ:

مَا قَوْلُكُمْ فِي قَبِيلَةٍ مِنْ السُّودَانِ يَجْعَلُونَ الْحَرَامَ طَلْقَةً بَائِنَةً، وَقَبْلَ ذَلِكَ لَا يَعْرِفُونَ الْحَرَامَ إلَّا بِطَلَاقِ الثَّلَاثِ، وَطَرَأَ عَلَيْهِمْ بِإِفْتَاءِ عَالِمٍ مِنْهُمْ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّ الْعَمَلَ جَرَى فِي الْمَغْرِبِ بِذَلِكَ فَهَلْ هَذَا الْعَمَلُ صَحِيحٌ يَصِحُّ الْعَمَلُ بِهِ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَلْفَاظُ الطَّلَاقِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُفْتِيَ لِقَوْمٍ إلَّا بِعُرْفِهِمْ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ الْقَرَافِيُّ فَإِفْتَاءُ هَذَا الْمُفْتِي لِمَنْ عُرْفُهُمْ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>