ابْنُ فَتْحُونٍ إنْ خَرَجَ لَيْلًا فَغَلِطَ فَزَرَعَ أَرْضَ جَارِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ وَغَلَطُهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لِقَوْمٍ فَدَادِينُ مُتَلَاصِقَةٌ فَزَرَعُوهَا وَاخْتَلَطَتْ عَلَيْهِمْ عِنْدَ حَصَادِهَا فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى مَا بَذَرَهُ ثُمَّ يَقْتَسِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى عَدَدِ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَيُقَيَّدُ قَوْلُ أَصْبَغَ بِبَقَاءِ الْإِبَّانِ فَإِنْ فَاتَ فَالزَّرْعُ لِزَارِعِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ مُشَبِّهًا فِي تَعَيُّنِ كِرَاءِ سَنَةٍ كَانَ الزَّارِعُ ذَا شُبْهَةٍ أَوْ مَجْهُولًا وَاسْتُحِقَّتْ قَبْلَ الْفَوَاتِ أَيْ فَوَاتِ إبَّانِهَا تَشْبِيهٌ فِي كِرَاءِ الْمِثْلِ وَإِلَّا بِأَنْ فَاتَ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ الْأَرْضُ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا عَلَى ذِي الشُّبْهَةِ وَلِمَجْهُولٍ انْتَهَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[رَجُل لَهُ دَرَاهِمُ عَلَى آخَرَ فَصَالَحَهُ عَنْهَا بِجَامُوسَةٍ ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ أَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الْجَامُوسَةِ بِالنِّصْفِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ لَهُ دَرَاهِمُ عَلَى آخَرَ فَصَالَحَهُ عَنْهَا بِجَامُوسَةٍ ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ أَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الْجَامُوسَةِ بِالنِّصْفِ فَمَا الْحُكْمُ. فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ تُطْلَبُ مِنْ مُدَّعِي الشَّرِكَةِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ أَقَامَهَا وَسَلَّمَهَا الْحَائِزُ لِلْجَامُوسَةِ قَضَى لِلْمُدَّعِي بِنِصْفِهِ وَخُيِّرَ رَبُّ الدَّرَاهِمِ بِرَدِّ النِّصْفِ الْآخَرِ وَالرُّجُوعِ بِجَمِيعِ دَرَاهِمِهِ عَلَى الْمَصَالِحِ وَالتَّمَاسُكِ بِهِ فِي مُقَابِلِهِ وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَأَمَّا الْجُزْءُ الشَّائِعُ إذَا اُسْتُحِقَّ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ فَيُخَيَّرُ فِي التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُ مَعْلُومَةٌ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ فَاسْتُصْحِبَ الْعَقْدُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ اهـ.
وَقَالَ الْخَرَشِيُّ أَمَّا إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مُتَّحِدًا كَدَارٍ فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهَا قَلِيلَهَا أَوْ كَثِيرَهَا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ فِي الرَّدِّ وَالْإِبْقَاءِ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ اُسْتُحِقَّ شَائِعٌ وَإِنْ قَلَّ، إذْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الْمَبِيعِ شَائِعٌ سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِالْبَاقِي وَالرُّجُوعِ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ وَبَيْنَ الرَّدِّ وَالرُّجُوعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا وَهَذَا إنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمُدَّعِي مَجْلِسَ الصُّلْحِ، وَلَمْ يَسْكُتْ عَامًا بِلَا عُذْرٍ فَإِنْ حَضَرَ عَقْدَ الصُّلْحِ أَوْ سَكَتَ عَامًا بِلَا عُذْرٍ بَعْدَهُ فَلَا كَلَامَ لَهُ مَعَ الْحَائِزِ وَلَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[مَسَائِلُ الْعَارِيَّةِ]
[رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَعِنِّي بِبَقَرَتِك فِي الْحَرْثِ لِأُعِينَك بِبَقَرَتِي فِي الْحَرْثِ وَلَمْ يُعَيِّنَا مُدَّةً]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَسَائِلُ الْعَارِيَّةِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَعِنِّي بِبَقَرَتِك فِي الْحَرْثِ لِأُعِينَك بِبَقَرَتِي فِي الْحَرْثِ، وَلَمْ يُعَيِّنَا مُدَّةً وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بَقَرَتَهُ حَرَثَ عَلَيْهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ دَفَعَ الْآخَرُ لِلْأَوَّلِ بَقَرَتَهُ لِيَحْرُثَ عَلَيْهَا مِثْلَ ذَلِكَ فَمَاتَتْ بِيَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَا تَعَدٍّ فَهَلْ لَا يَضْمَنُهَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ. فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ إعَارَةٌ بِحَسَبِ الصُّورَةِ وَالْعِبَارَةِ وَإِجَارَةٌ بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَعْنَى وَمُقْتَضَى الْأَوَّلِ عَدَمُ الضَّمَانِ لِمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحَيَوَانِ وَالثَّانِي عَدَمُهُ مُطْلَقًا وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ وَلَوْ فَاسِدًا بِعَدَمِ التَّعْيِينِ كَمَا فِي الْفَرْضِ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَجَازَ أَعْنِي بِغُلَامِك لِأُعِينَك بِغُلَامِي إجَارَةً وَضَمِنَ الْمَغِيبَ عَلَيْهِ لَا غَيْرَهُ انْتَهَى.
وَفِي الْمَجْمُوعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute