فَإِنَّهُمْ يُحْمَلُونَ فِيهِ عَلَى عَادَتِهِمْ الْمَاضِيَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَسْلَافِهِمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ بَعْدَهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ التَّعَلُّلُ الْمَذْكُورُ وَيُمْنَعُونَ مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَمِنْ إثَارَةِ الْفِتْنَةِ وَفَتْحِ بَابِ الشَّرِّ وَالْهَرَجِ وَالْخِصَامِ بَيْنَ سَائِرِ الطَّوَائِفِ الْمُقَرَّرَةِ فِي خِدْمَةِ بَقِيَّةِ الْأَضْرِحَةِ لِلْأَنْبِيَاءِ الْكِرَامِ عَلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى السَّلَامِ.
قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي آخِرِ مَسَائِلِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ: وَسَأَلْت شَيْخَنَا الْإِمَامَ يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ عَمَّا يَأْتِي إلَى الْمَوْتَى مِنْ الْفُتُوحِ وَالصَّدَقَةِ وَيُوعَدُونَ بِهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إنْ بَلَغْت كَذَا فَلِسَيِّدِي فُلَانٍ كَذَا مَا يُصْنَعُ بِهِ
فَأَجَابَ: بِأَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى قَصْدِ الْمُتَصَدِّقِ فَإِنْ قَصَدَ نَفْعَ الْمَيِّتِ تَصَدَّقَ بِهِ حَيْثُ شَاءَ، وَإِنْ قَصَدَ الْفُقَرَاءَ الَّذِينَ يَكُونُونَ عِنْدَهُ فَلْيُدْفَعْ ذَلِكَ إلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ فَلْيُنْظَرْ عَادَةَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي قَصْدِهِمْ الصَّدَقَةَ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخِ وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ ذُرِّيَّةُ ذَلِكَ الْوَلِيِّ فِيمَا يُؤْتَى إلَيْهِ مِنْ الْفُتُوحِ فَلْيُنْظَرْ قَصْدَ الْآتِي بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ حُمِلَ عَلَى الْعَادَةِ فِي إعْطَاءِ ذَلِكَ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لَهُمْ وَلِلْأَغْنِيَاءِ انْتَهَى. نَقَلَهُ الْحَطَّابُ، وَالْخِدْمَةُ مِثْلُ الذُّرِّيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ صَنَعَ عُرْسًا فَوَهَبَ لَهُ رَجُلٌ إرْدَبَّ قَمْحٍ هِبَةَ ثَوَابٍ، ثُمَّ بَعْدَ سِنِينَ طَلَبَ الْوَاهِبُ الثَّوَابَ فَهَلْ يُقْضَى عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِدَفْعِ الثَّوَابِ لِلْوَاهِبِ، وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ وَقُلْتُمْ ثَوَابُهُ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ الْعَرَضُ أَوْ الدَّنَانِيرُ وَكَانَ الْإِرْدَبُّ فِي زَمَنِ دَفْعِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ يُسَاوِي أَرْبَعِينَ قِرْشًا مَثَلًا وَفِي زَمَنِ طَلَبِ الثَّوَابِ يُسَاوِي سِتِّينَ مَثَلًا فَمَاذَا يَكُونُ الْعَمَلُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُقْضَى عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِدَفْعِ الثَّوَابِ لِلْوَاهِبِ إنْ شَرَطَ أَوْ اُعْتِيدَ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الدَّفْعِ لَا يَوْمَ الطَّلَبِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَغَيْرِهِ فَيَلْزَمُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْمِثَالِ أَرْبَعُونَ قِرْشًا أَوْ عَرَضٌ يُسَاوِيهَا وَاعْتِيدَتْ إثَابَتُهُ؛ لِأَنَّهَا قِيمَةُ الْإِرْدَبِّ يَوْمَ دَفْعِهِ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ مَا يُهْدَى مِنْ الْكِبَاشِ وَغَيْرِهَا عِنْدَ الْعُرْسِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلطَّالِبِ بِالْمُكَافَأَةِ عَلَيْهِ لِلْعُرْفِ وَأَنَّ الضَّمَائِرَ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُهْدِيهِ مِثْلَهَا إذَا كَانَ لَهُ عُرْسٌ وَنَزَلَتْ عِنْدَنَا فَقَضَى لَهُ بِذَلِكَ وَحَاسَبَهُ بِمَا أَكَلَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ الصَّنِيعِ مِنْ قِيمَةِ ذَلِكَ نَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَاسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ إذَا كَانَ لَهُ عُرْسٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَاهِبَ الصَّبْرُ حَتَّى يَحْدُثَ لَهُ عُرْسٌ وَنَحْوُهُ فِي الْبُرْزُلِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّتَّائِيِّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَيْهِ إنْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ وَتَبِعَهُ الْأُجْهُورِيُّ وَالْخَرَشِيُّ وَنَصُّهُ، وَأَمَّا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ الثَّوَابَ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِيَدِهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ قَبْضِ الْهِبَةِ وَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ شَيْئِهِ مُعَجَّلًا، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ عُرْسٌ انْتَهَى. بِتَصْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ: الْمُتَيْطِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ قَالَ لَهُ الْمُعْطِي لَا أُعْطِيك إلَّا أَنْ يَحْدُثَ لَك عُرْسٌ، وَهُوَ شَأْنُ النَّاسِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ هَدِيَّتِهِ مُعَجَّلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[دَفَعَ لِآخَرَ نُقُوطًا فِي فَرَح ثُمَّ طَالَبَهُ بِهِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ دَفَعَ لِآخَرَ نُقُوطًا فِي فَرَحٍ، ثُمَّ طَالَبَهُ بِهِ فَهَلْ يُجَابُ لِذَلِكَ مُعَجَّلًا، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَحْدُثَ لَهُ فَرَحٌ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت: بِأَنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ مُعَجَّلًا لِلنَّصِّ الْمَذْكُورِ فِي الْجَوَابِ قَبْلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ تُوُفِّيَتْ عَنْ ابْنٍ وَزَوْجٍ وَتَرَكَتْ حُلِيًّا ذَهَبًا وَفِضَّةً فَقَالَ الزَّوْجُ الْحُلِيُّ مِلْكِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute