مَوْضُوعٌ عَنْهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعِدَّةِ قَالَ فِيهِ: وَأَمَّا إنْ كَانَ ثَوْبًا، أَوْ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي تَلَفِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطَأَهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً إذَا رَضِيَ بِالشَّرْطِ وَقَبِلَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ وَطِئَ لَزِمَتْهُ الْجَارِيَةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا يَتَعَدَّى عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَطِئَ، فَقَدْ تَرَكَ مَا جُعِلَ لَهُ.
[النَّوْع السَّابِع الِالْتِزَام الْمُعَلَّق عَلَى الْفِعْل الَّذِي فِيهِ مَنْفَعَة لِغَيْرِ الملتزم والملتزم لَهُ]
(النَّوْعُ السَّابِعُ) الِالْتِزَامُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِغَيْرِ الْمُلْتَزِمِ وَالْمُلْتَزَمِ لَهُ كَقَوْلِك إنْ وَهَبْتَ عَبْدَك لِفُلَانٍ فَلَكَ عِنْدِي كَذَا، أَوْ إنْ أَسْكَنْته دَارَك سَنَةً فَلَكَ عِنْدِي كَذَا، أَوْ إنْ جِئْت لِفُلَانٍ بِعَبْدِهِ فَلَكَ عِنْدِي كَذَا، وَهُوَ كَالنَّوْعِ الْخَامِسِ فَهُوَ إمَّا مِنْ بَابِ هِبَةِ الثَّوَابِ، أَوْ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ أَوْ مِنْ بَابِ الْجَعْلِ فَيُشْتَرَطُ فِي كُلِّ نَوْعٍ شُرُوطُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَلِذَلِكَ أَجَازُوا أَنْ يَقُولَ: إنْ أَعْتَقْت عَبْدَك فَلَكَ عِنْدِي كَذَا، أَوْ خُذْ كَذَا وَأَعْتِقْ عَبْدَك وَقَالُوا: إنَّهُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِ خُذْ مِائَةً وَدَبِّرْ عَبْدًا وَاِتَّخِذْ أَمَتَكَ أُمَّ وَلَدٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ وَقَعَ لَزِمَهُ التَّدْبِيرُ وَيَرُدُّ الْمَالَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْخَاتِمَةِ.
(تَنْبِيهٌ) مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا إذَا بَذَلَ شَخْصٌ لِرَجُلٍ مَالًا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ ذَلِكَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ أَوْ الْتَزَمَ لَهُ بِمَالٍ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بَذْلُ الْمَالِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي بَابِ الْخُلْعِ وَلِذَلِكَ شَرَطُوا فِي جَوَازِ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَصْدُ بِذَلِكَ إضْرَارَ الْمَرْأَةِ بِإِسْقَاطِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْمَذْهَبُ بِمَا إذَا كَانَ الْغَرَضُ مِنْ الْتِزَامِ الْأَجْنَبِيِّ لِلزَّوْجِ حُصُولَ مَصْلَحَةٍ، أَوْ دَرْءَ مَفْسَدَةٍ تَرْجِعُ إلَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ مِمَّا لَا يُقْصَدُ بِهِ إضْرَارُ الْمَرْأَةِ.
وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الزَّمَانِ فِي بَلَدِنَا مِنْ الْتِزَامِ أَجْنَبِيٍّ ذَلِكَ وَلَيْسَ قَصْدُهُ إلَّا إسْقَاطَ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْعِدَّةِ لِلْمُطَلَّقَةِ عَلَى مُطَلِّقِهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ ابْتِدَاءً وَفِي انْتِفَاعِ الْمُطَلِّقِ بِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ نَظَرٌ اهـ. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَاذِلُ الْخُلْعِ مَنْ صَحَّ مَعْرُوفُهُ وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجَةِ مُسْتَقِلًّا.
قُلْت: مَا لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَهَا بِإِسْقَاطِهِ نَفَقَةً فَيَنْبَغِي رَدُّهُ كَشِرَاءِ دَيْنِ الْعَدُوِّ وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ امْرَأَتَك وَلَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ لَزِمَ ذَلِكَ الرَّجُلَ اهـ.
قُلْت: وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَرْجِعُ إلَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ لَيْسَ شَرْطًا بَلْ الْقَصْدُ أَنْ يَكُونَ لِلْإِضْرَارِ بِالزَّوْجَةِ سَوَاءٌ كَانَ بِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ عَلَى الزَّوْجَةِ فَتَكُونُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، أَوْ تَعُودُ إلَى الزَّوْجِ فَتَكُونُ مِنْ النَّوْعِ السَّادِسِ، أَوْ تَعُودُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ الْمُلْتَزِمِ فَتَكُونُ مِنْ النَّوْعِ الْخَامِسِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ إلَّا نَفَقَةَ الْعِدَّةِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً، فَإِنْ وَقَعَ بِمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ يَنْبَغِي رَدُّهُ أَنْ يَبْطُلَ الِالْتِزَامُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute