للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعْيِينُ الْأَجَلِ وَالصِّفَةِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ إلَى آخَرَ مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَحَلِّهِ وَحِينَئِذٍ يُمْنَعُ هَذَا الرَّجُلُ مِنْ مُعَارَضَةِ آخِذِ الدَّرَاهِمِ مِنْ طَلَبِهِ قَمْحًا بَدَلَهَا وَالْمَانِعُ لَهُ الْحَاكِمُ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُمْ بَيَّنُوا الْأَجَلَ بِأَنَّهُ وَقْتُ دَفْعِ الْخَرَاجِ، وَالنَّوْعُ وَصِفَتُهُ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَهُمْ وَأَنَّهُمْ بَيَّنُوا قَدْرًا وَإِنْ أَجْمَلَ فِي السُّؤَالِ فَالصَّوَابُ عَدَمُ جَبْرِهِ عَلَى قَبُولِ مِثْلِ دَرَاهِمِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأُجِّلَ بِمَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأَسْوَاقُ كَبِالْحَصَادِ مَثَلًا وَاعْتُبِرَ وَقْتُ أَغْلَبِهِ اهـ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ قَهَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى حَفْرِ سَاقِيَةٍ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ لِأَجْلِ زَرْعِ الْقَصَبِ أَوْ النِّيلَةِ، أَوْ الذُّرَةِ، أَوْ الْقُطْنِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ أُمِرَ بِهِ فَهَلْ إذَا جَدَّدَ عَلَيْهَا شَجَرًا نَخْلًا أَوْ نَبْقًا، أَوْ سَنْطًا، أَوْ أَثْلًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْغَارِسِ، أَوْ لِلْحَاكِمِ الْآمِرِ بِذَلِكَ، أَوْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَضِّحُوا.

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَقَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالٍ الْغَيْرِ لَيْسَ عُذْرًا مُبِيحًا لِلْمُكْرَهِ الْقَدُومُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا مُسْقِطًا الْغُرْمَ عَنْهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ وَإِنْ اقْتَحَمَ النَّهْيُ ضَمِنَ وَغَرِمَ وَنَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْهَا وَعَنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ أَيْضًا إذَا عَلِمْت هَذَا فَالْحَافِرُ الْغَارِسُ مُتَعَدٍّ لَا ذُو شُبْهَةٍ فَيُخَيَّرُ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَيْنَ أَمْرِهِ بِإِزَالَةِ مَا أَحْدَثَهُ فِيهَا وَتَسْوِيَتِهَا وَبَيْنَ إبْقَائِهِ لِنَفْسِهِ وَدَفْعِ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا مَحْطُوطًا مِنْهَا أُجْرَةُ الْقَلْعِ وَالتَّسْوِيَةِ إنْ كَانَ الْمُتَعَدِّي لَيْسَ شَأْنُهُ تُوَلِّي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَاتِّبَاعُهُ وَإِلَّا فَلَا حَطَّ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

[رَجُل لَهُ مَوَاشٍ كَثِيرَةٌ أَكَلَتْ زَرْعَةً شَتْوِيَّةً أَوْ قَيْظِيَّةً لِآخَرَ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ لَهُ مَوَاشٍ كَثِيرَةٌ أَكَلَتْ زَرْعَةً شَتْوِيَّةً، أَوْ قَيْظِيَّةً لِآخَرَ، أَوْ مُطْلَقَ زَرْعٍ فَهَلْ يَضْمَنُ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا رَاعٍ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ لِلزَّرْعِ حَارِسٌ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ أَكَلَتْ الْمَوَاشِي الزَّرْعَ لَيْلًا وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَرْبِطْهَا رَبْطًا يَمْنَعُهَا مِنْ الِانْطِلَاقِ وَلَمْ يُغْلِقْ عَلَيْهَا غَلْقًا كَذَلِكَ ضَمِنَ رَبُّهَا قِيمَةَ مَا أَكَلَتْهُ عَلَى الْبَتِّ إنْ بَدَا صَلَاحُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ عَلَى رَجَاءِ سَلَامَتِهِ مِنْ الْجَائِحَةِ وَخَوْفِ إصَابَتِهَا لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَاعٍ بِاللَّيْلِ، أَوْ كَانَ وَحَلَفَ مَا فَرَّطَ فَإِنْ رُبِطَتْ الرَّبْطَ الْمَانِعِ، أَوْ أَغْلَقَ عَلَيْهَا الْغَلْقَ الْمَانِعَ فَانْفَلَتَتْ وَأَكَلَتْهُ فَهَدَرٌ وَإِنْ أَكَلَتْهُ نَهَارًا فَإِنْ سَرَحَتْ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ عَنْ الْمَزَارِعِ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ لَهَا فَرَجَعَتْ وَأَكَلَتْهُ فَهَدَرٌ أَيْضًا كَانَ لَهَا رَاعٍ، أَوْ لَا وَإِنْ سَرَحَتْ قُرْبَهَا فَالضَّمَانُ عَلَى رَبِّهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَاعٍ، أَوْ كَانَ وَلَيْسَ فِيهِ كِفَايَةٌ وَلَا قُدْرَةٌ عَلَى مَنْعِهَا فَإِنْ كَانَ لَهَا رَاعٍ فِيهِ الْكِفَايَةُ وَفَرَّطَ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَإِنْ غَلَبَتْهُ فَهَدَرٌ.

قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَأَمَّا الْمَوَاشِي فَمَا أَفْسَدَتْ مِنْ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ لَيْلًا فَأَصْحَابُهَا ضَامِنُونَ كَانُوا مَعَهَا أَوْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى مَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَاقَةِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَأَمَّا بِالنَّهَارِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا أَفْسَدَتْ فِي الصَّحَارَى وَالْمَسَارِحِ الْبَعِيدَةِ مِنْ الزَّرْعِ وَعَلَى أَرْبَابِهِ حِفْظُهُ وَلَا يَلْزَمُ الرَّاعِيَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَعَمَّدَ فَأَلْقَاهَا فِي ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْأَدَبُ وَالضَّمَانُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ يَسْقُطُ الضَّمَانُ فِيمَا أَفْسَدَتْ مِنْ الزَّرْعِ بِالنَّهَارِ إذَا أُخْرِجَتْ عَنْ جُمْلَةِ مَزَارِعِ الْقَرْيَةِ وَتَرَكَهَا فِي الْمَسْرَحِ وَأَمَّا إنْ أَطْلَقَهَا لِلرَّعْيِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ عَنْ مَزَارِعِ الْقَرْيَةِ دُونَ رَاعٍ يَذُودُهَا عَنْ الزَّرْعِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَفْسَدَتْ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا رُعَاتُهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ الضَّمَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>