للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّرْدِيرُ رَحِمَ اللَّهُ تَعَالَى الْجَمِيعَ.

(وَسُئِلَ شَيْخُ مَشَايِخِي حَسَنٌ الْهَوَّارِيُّ الْمَالِكِيِّ) عَنْ رَجُلٍ حَبَسَهُ الْمُلْتَزِمُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى شَهْرَيْنِ وَجَعَلَ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ ظُلْمًا وَلِلرَّجُلِ الْمَحْبُوسِ أَخٌ أَخَذَ مِنْ آخَرَ طَوْقًا فِضَّةً دَفَعَهُ فِي الْمَظْلِمَةِ مَعَ عِلْمِ صَاحِبِ الطَّوْقِ بِذَلِكَ وَرَهَنَ عِنْدَهُ طِينًا مَحْبِسًا وَزَرَعَهُ مُدَّةً فَهَلْ يَضِيعُ الطَّوْقُ عَلَى صَاحِبِهِ وَتُرْفَعُ يَدُهُ عَنْ الطِّينِ وَيُطَالَبُ بِرِبْحِهِ وَيُمَكَّنُ مِنْهُ صَاحِبُهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ حَيْثُ كَانَ الطَّوْقُ أَخَذَهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَدَفَعَهُ فِي الْمَظْلِمَةِ مَعَ عِلْمِ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ يَضِيعُ عَلَى صَاحِبِهِ وَرَهْنُ الطِّينِ الْمُحْبَسِ بَاطِلٌ وَلَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا وَتُرْفَعُ يَدُهُ عَنْ الطِّينِ الْمَرْهُونِ وَيُطَالَبُ بِرِبْحِهِ مُدَّةَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَاسْتِغْلَالِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَتَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي يَنْشَرِحُ لَهُ الصَّدْرُ الرُّجُوعُ فَيَغْرَمُ آخِذُ الطَّوْقِ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ وَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ مَسْأَلَةٌ وَلَوْ تَسَلَّفَ الْمَضْغُوطُ فِي فِكَاكِ نَفْسِهِ لَزِمَهُ مَا تَسَلَّفَ انْتَهَى وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي أَمِيرٍ طَلَبَ مِنْ مَشَايِخِ بَلَدِهِ دَرَاهِمَ مِنْ الْخَرَاجِ فَأَخَذُوا الْمَطْلُوبَ مِنْ شَخْصٍ ثَمَنَ غَلَّةٍ وَفَرَدُوهَا عَلَى أَنْفَارٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِحَسَبِ أَطْيَانِهِمْ فَغَابَ رَجُلَانِ مِنْ الْمَفْرُودِ عَلَيْهِمْ فَأَقَامَ الْمَشَايِخُ وَكِيلًا عَلَى غِلَالِهَا لِيُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِمْ وَأَمَّنُوا رَجُلًا يَسْتَلِمُ الْغِلَالَ لِرَبِّهَا فَاسْتَلَمَ الْأَمِينُ الْبَعْضَ مِنْ الْغِلَالِ وَدَفَعَهَا لِرَبِّهَا ثُمَّ حَضَرَ الرَّجُلَانِ وَنَازَعَا الْأَمِينَ وَأَرَادَا إلْزَامَهُ بِغِلَالِهِمْ وَشَهِدَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ دَفَعَهَا لَهُ فَأَنْكَرَ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَكِيلِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَعَلَى فَرْضِ لَوْ ثَبَتَ عَلَى الْأَمِينِ مَا ذُكِرَ لَا يُطَالَبُ بِمَا دَفَعَهُ لِرَبِّهِ بِأَمْرِ الْمَشَايِخِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَابَ شَيْخُنَا حَسَنٌ الْأَبْطَحِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ التَّاوَدِيُّ فِي شَرْحِ الْعَاصِمِيَّةِ أَنَّ الْحَمَالَةَ إذَا كَانَتْ بِإِذْنِ الْمَظْلُومِ وَغَرِمَ الْحَمِيلُ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا رُجُوعَ وَهَذَا الَّذِي لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ إذْنَ الْغَرِيمِ فِي الْحَمَالَةِ وَطَلَبَهُ لَهَا الْتِزَامٌ بِمَا يُؤَدِّيهِ الْحَمِيلُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَمِنَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِفَكِّهِ وَبِمَا أَصَابَهُ مِنْ أَصْلِهِ انْتَهَى فَإِذَا كَانَ أَخْذُ الْمَشَايِخِ الْمَطْلُوبَ مِنْ شَخْصٍ ثَمَنَ غَلَّةٍ وَتَوْزِيعُهَا عَلَى الْجَمَاعَةِ بِإِذْنِهِمْ كَانَ ذَلِكَ لَازِمًا لَهُمْ وَلَا رُجُوعَ حِينَئِذٍ لِلرَّجُلَيْنِ إلَّا الْهَارِبِينَ بِمَا أُخِذَ مِنْ غِلَالِهِمَا لَا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَا عَلَى الْأَمِينِ وَلَا عَلَى الْمَشَايِخِ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ الْجَمَاعَةُ لِلْمَشَايِخِ فِي الْأَخْذِ وَالتَّوْزِيعِ الْمَذْكُورَيْنِ كَانَ لَهُمَا الرُّجُوعُ عَلَى الْمَشَايِخِ لَا عَلَى الْأَمِينِ الَّذِي خُزِّنَتْ عِنْدَهُ الْغِلَالُ وَسَلَّمَهَا لِرَبِّهَا وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْوَكِيلُ فِيمَا أَنْكَرَهُ الْأَمِينُ حَتَّى تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ لِلْأَمِينِ بِيَمِينِهِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ.

وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ إلَخْ وَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ مَسْأَلَةٌ لَوْ هَرَبَ الْمَضْغُوطُ فَأَخَذَ الْحَمِيلُ بِمَا تَحَمَّلَ حَتَّى بَاعَ مَتَاعَهُ فَحُكْمُهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمَضْغُوطِ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ مَأْخُوذٌ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا رُجُوعَ لِلْحَمِيلِ عَلَى الْمَضْغُوطِ مِنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي مَشَايِخِ بَلَدٍ جَعَلَ عَلَيْهِمْ الْحَاكِمُ دَرَاهِمَ غَرَامَةً فَأَخَذُوهَا مِنْ بَعْضِ النَّاسِ وَقَالُوا لَهُمْ وَقْتَ الدَّفْعِ نَدْفَعُ لَكُمْ بَدَلهَا قَمْحًا ثُمَّ دَفَعَ الْمَشَايِخُ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُمْ دَرَاهِمَ إلَّا وَاحِدًا قَالَ لَا آخُذُ إلَّا قَمْحًا فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ مِثْلِ دَرَاهِمِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِ الدَّرَاهِمِ إلَّا رَدُّ بَدَلِهَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَابَ يُوسُفُ الْمُعَيْصِرِيُّ الْمَالِكِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ قَبُولُ دَرَاهِمِهِ وَلَا يَلْزَمُ مَنْ أَخَذَهَا دَفْعُ قَمْحٍ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ لَمْ يُوجَدْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحًا لِفَقْدِ شُرُوطِهِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>