للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يُبَيِّنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ إذَا زَوَّجُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ كَأَنَّهُ إنَّمَا تَزَوَّجَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ قَالَ سَحْنُونٌ مِثْلَهُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ أَمَّا إذَا كَانَ قَوْلُهُمْ قَدْ زَوَّجْنَاك جَوَابًا لِقَوْلِهِ لَنْ أُقَصِّرَ بِهَا عَنْ صَدَاقِ أُخْتِهَا فَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ لَوْ قَالُوا لَهُ نُزَوِّجُك عَلَى أَنْ لَا تُقَصِّرَ بِهَا عَنْ صَدَاقِ أُخْتِهَا وَأَمَّا إنْ انْقَطَعَ مَا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَالْأَمْرُ مُحْتَمَلٌ وَالْأَظْهَرُ إيجَابُ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُبَيِّنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْوَى مِنْ الْعِدَةِ الْخَارِجَةِ عَلَى سَبَبٍ، وَفِي التَّفْسِيرِ لِيَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ إيجَابَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى قَوْلَهُ لَنْ أُقَصِّرَ بِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ عِدَةً لَا تَلْزَمُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إيجَابَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَحَلَفَ بِالتُّهْمَةِ دُونَ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى، وَلِذَلِكَ لَمْ تَرِدْ الْيَمِينُ فِي ذَلِكَ فَقَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِلُحُوقِ يَمِينِ التُّهْمَةِ وَأَنَّهَا لَا تَرْجِعُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّانِي الِالْتِزَامِ الْمُعَلَّقِ عَلَى فِعْلِ الْمُلْتَزِمِ وَهُوَ نَوْعَيْنِ]

الْبَابُ الثَّانِي فِي الِالْتِزَامِ الْمُعَلَّقِ عَلَى فِعْلِ الْمُلْتَزِمِ بِكَسْرِ الزَّايِ وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ بِالِالْتِزَامِ الِامْتِنَاعَ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَلَكَ أَلْفُ دِينَارٍ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ حُصُولَ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَيَكُونَ الشَّيْءُ الَّذِي الْتَزَمَهُ شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى حُصُولِهِ كَقَوْلِهِ إنْ قَدِمْت مِنْ هَذَا السَّفَرِ فَلِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ إنْ أَتْمَمْت هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ هَذَا الْكِتَابَ فَعَلَيَّ كَذَا، وَهَذَا الثَّانِي مِنْ بَابِ النُّذُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ النَّذْرِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَابِ النُّذُورِ أَنَّ مَنْ عَلَّقَ الْعِتْقَ أَوْ الْهَدْيَ، أَوْ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِلْكِ يَلْزَمُهُ. مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إنْ مَلَكْت عَبْدَ فُلَانٍ فَهُوَ حُرٌّ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إذَا مَلَكَهُ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ أَنَّ الْمُفْلِسَ إذَا الْتَزَمَ عَطِيَّةَ شَيْءٍ إنْ مَلَكَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا مَلَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ.

قُلْت: وَهَذَا فِي الْعِتْقِ لَازِمٌ وَيُقْضَى بِهِ، وَأَمَّا الْهَدْيُ، فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَلَا يُقْضَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَاتِ وَالْهَدَايَا وَاجِبَةٌ عَلَى التَّرَاخِي، وَأَمَّا الصَّدَقَةُ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ فَهِيَ النَّوْعُ الْأَوَّلُ الْمَعْقُودُ لَهُ هَذَا الْبَابُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ بِهَا الْقُرْبَةُ فَهِيَ لَازِمَةٌ وَيُقْضَى بِهَا إنْ كَانَتْ لِمُعَيَّنٍ وَلَا يُقْضَى بِهَا إنْ كَانَتْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْخَاتِمَةِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا.

وَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْقُودُ لَهُ هَذَا الْبَابُ وَيُسَمَّى يَمِينًا وَاخْتُلِفَ فِي الْقَضَاءِ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>