للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرُ سَائِغٍ، وَخَوْفُ الرُّجُوعِ لِلزِّنَا لَيْسَ ضَرُورَةً مُسَوِّغَةً لَهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَبْلَ تَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ فَاسِدٌ إجْمَاعًا، وَالتَّلَذُّذُ الْمُسْتَنِدُ لَهُ يُؤَيِّدُ الْحُرْمَةَ عِنْدَنَا فَالتَّخَلُّصُ بِهِ مِنْ الرُّجُوعِ لِلزِّنَا كَغَسْلِ الْعَذِرَةِ بِالْبَوْلِ، وَقَوْلِهِمْ الْمَرْأَةُ أَمِينَةٌ عَلَى رَحِمِهَا، وَمُصَدَّقَةٌ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَاسْتِبْرَائِهَا قَيَّدُوهُ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمُوجِبِ، وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِهَا فَقِيلَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَقِيلَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَقِيلَ شَهْرٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ، وَهَذَا فِي عِدَّةِ، وَاسْتِبْرَاءِ الْأَقْرَاءِ، وَأَمَّا فِي عِدَّةِ الْوَضْعِ وَاسْتِبْرَائِهِ فَتُصَدَّقُ فِي وَضْعِهِ، وَإِنْ ادَّعَتْهُ بَعْدَ الْمُوجِبِ بِيَوْمٍ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى تَكْذِيبِ النِّسَاءِ وَالْجِيرَانِ لَهَا، وَهِيَ مُصَدَّقَةٌ فِي ذَلِكَ، وَمَأْمُونَةٌ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ، وَالْمَرْأَةُ لَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ تَرْكِ الزِّنَا فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ هَذَا الْعَقْدَ، وَتَمَكَّنَ مِنْ فَسْخِهِ أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُفَرِّقَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَبَدًا، وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فَسْخِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَهُ لِمَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَتَأَبُّدُ تَحْرِيمِهَا بِوَطْءٍ قَالَ الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ رَجْعِيٍّ أَوْ مَوْتٍ، وَالْمُسْتَبْرَأَة مِنْ زِنًا أَوْ اغْتِصَابٍ غَيْرُهُ إذَا وُطِئَتْ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَةِ نِكَاحٍ فِي عِدَّتِهَا أَوْ اسْتِبْرَائِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا فَإِنَّهَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى وَطْئِهَا، وَلَهَا الصَّدَاقُ، وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ، وَأَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ زِنَاهُ اهـ.

[طَلُقَتْ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا عِدَّتُهَا اسْتَفْهَمَتْ عَنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَأُخْبِرَتْ بِأَنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ فَتَزَوَّجَتْ شَخْصًا ثَانِيًا]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ طَلُقَتْ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا عِدَّتُهَا اسْتَفْهَمَتْ عَنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَأُخْبِرَتْ بِأَنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ فَتَزَوَّجَتْ شَخْصًا ثَانِيًا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَتْ أَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ مِنْ الْأَوَّلِ فَهَلْ تُصَدَّقُ أَوْ لَا؟ وَهَلْ إنْ صُدِّقَتْ يُفْسَخُ نِكَاحُهَا أَوْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، لَا تُصَدَّقُ فِي إخْبَارِهَا ثَانِيًا بِعَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ، وَالْعِبْرَةُ بِإِخْبَارِهَا الْأَوَّلِ بِانْقِضَائِهَا، وَتُعَدُّ نَادِمَةً وَكَارِهَةً لِلزَّوْجِ الثَّانِي، وَمُتَحَيِّلَةً عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهُ، وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فِي خَبَرِهَا الثَّانِي وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَفْتَدِيَ مِنْهُ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَصُدِّقَتْ فِي انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْقُرْءِ وَالْوَضْعِ بِلَا يَمِينٍ مَا أَمْكَنَ، وَسُئِلَ النِّسَاءُ، وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا، وَلَا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ، وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا اهـ.

وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَصُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ وَضَعَا إلَّا أَنْ تُكَذِّبَهَا الْعَادَةُ فَإِنْ أَشْكَلَ سُئِلَ النِّسَاءُ، وَأَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ فَانْقَطَعَ قَبْلَ الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْعِدَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَصْلِ لَا إنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا، وَلَوْ رَآهَا النِّسَاءُ فَوَافَقْنَهَا عَلَى قَوْلِهَا الثَّانِي فَالْعِبْرَةُ بِالْأَوَّلِ اهـ.

[امْرَأَة حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا ثُمَّ وَضَعَتْ فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا ثُمَّ وَضَعَتْ فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا فَتَوَجَّهَتْ إلَى فَقِيهٍ مَالِكِيٍّ، وَأَخْبَرَتْهُ بِحَالِهَا فَأَفْتَاهَا بِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ إلَّا بَعْدَ حَيْضَتَيْنِ وَوَضْعِ حَمْلِهَا هَذَا بَعْدَ حَيْضَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِنَسَبٍ فَتَرَكَتْهُ، وَتَوَجَّهَتْ إلَى فَقِيهٍ آخَرَ مَالِكِيٍّ أَيْضًا، وَاسْتَفْتَتْهُ فَأَفْتَاهَا بِأَنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ حَمْلِهَا، فَتَفَاقَمَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا فَمَا الْحُكْمُ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، أَيُّهَا السَّائِلُ، وَفَّقَنِي اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ أُطْلِقَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهَا خَلِيَّةً عَنْ النِّكَاحِ، وَمَا يَتْبَعُهُ حَالَ زِنَاهَا أَوْ بِكَوْنِهَا فِي نِكَاحٍ ثُمَّ انْقَطَعَ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بِكَوْنِهَا فِي عِدَّةِ أَحَدِهِمَا، وَالْحُكْمُ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ خَلِيَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>