عَلَى الْفُقَرَاءِ خَرِبَتْ وَلَمْ يُوجَدْ مَا تُصْلَحُ بِهِ فَأَفْتَى بِأَنَّهَا تُكْرَى السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ كَيْفَ تَيَسَّرَ بِشَرْطِ إصْلَاحِهَا مِنْ كِرَائِهَا وَأَبَى أَنْ يَسْمَحَ بِبَيْعِهَا، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ انْتَهَى. قَالَ الْعَدَوِيُّ: قَوْلُهُ الْكَثِيرَةَ أَيْ وَأَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعِينَ عَامًا أَيْ مَعَ شَرْطِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ لِيُعَمَّرَ بِهَا اهـ.
وَعِبَارَةُ الشَّبْرَخِيتِيِّ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ الضَّرُورَةُ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِأَجْلِ مَصْلَحَةِ الْوَقْفِ وَإِلَّا جَازَ مَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ وَلَوْ أَزْيَدُ مِنْ أَرْبَعِينَ عَامًا، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ تَفْوِيتِهَا بِالْبَيْعِ اهـ. وَقَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ: وَلَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ لِزِيَادَةٍ قَالَ الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ الْحَبْسَ إذَا صَدَرَتْ إجَارَتُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، ثُمَّ جَاءَ شَخْصٌ يَزِيدُ فِيهِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فَإِنْ صَدَرَتْ إجَارَتُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تُقْبَلُ مِمَّنْ أَرَادَهَا كَانَ حَاضِرًا لِلْإِجَارَةِ الْأُولَى أَوْ كَانَ غَائِبًا وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْكِرَاءِ كِرَاءَ الْمِثْلِ وَقْتَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ اُنْظُرْ تَمَامَهُ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ، وَلَا يَكُونُ عَقْدُ الْكِرَاءِ فِي الْأَحْبَاسِ عَلَى الْمُعَيَّنِينَ إلَّا لِلْعَامِ وَالْعَامَيْنِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يُكْرَى مِمَّنْ يَكُونُ مَرْجِعُهُ إلَيْهِ فَيَجُوزُ إلَى أَكْثَرَ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْمُخْتَصَرِ وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ كَالسَّنَتَيْنِ وَلِمَنْ مَرْجِعُهُمَا لَهُ كَالْعَشْرِ اهـ قَالَ الْمَوَّاقُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ إسْقَاطُ الْكَافِ الْمُتَيْطِيُّ يَجُوزُ كِرَاءُ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِ رِيعٌ مِنْ الْأَعْيَانِ أَوْ الْأَعْقَابِ لِعَامَيْنِ لَا أَكْثَرَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ الْقَضَاءُ اهـ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ وَقَفَ دَارًا عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى، ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ أَجَرَ وَلَدُهُ الدَّارَ لِرَجُلٍ آخَرَ مُدَّةَ تِسْعِينَ سَنَةً وَأَخَذَ أُجْرَتَهَا مِنْهُ وَأَذِنَ لَهُ فِي الْبِنَاءِ بِهَا وَأَنَّ كُلَّ مَا بَنَاهُ يَكُونُ مِلْكًا وَحَكَمَ بِصِحَّتِهَا قَاضٍ شَافِعِيٍّ فَبَنَى فِيهَا بِنَاءً، ثُمَّ مَاتَ كُلٌّ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَخَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْلَادًا فَهَلْ إذَا أَرَادَ أَوْلَادُ الْمُؤَجِّرِ فَسْخَ الْإِجَارَةِ يُجَابُونَ لِذَلِكَ، وَإِذَا قُلْت بِالْفَسْخِ فَمَا الْحُكْمُ فِي الْبِنَاءِ الَّذِي بَنَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِإِذْنِ الْمُؤَجِّرِ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ حَيْثُمَا حَكَمَ فِيهَا شَافِعِيٌّ بِالصِّحَّةِ يَرْجِعُ فِيهَا لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَنَفَعَنَا بِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ لَنَا أَنَّ نُفْتِيَ بِالْفَسَادِ لِارْتِفَاعِ الْخِلَافِ بِحُكْمِهِ وَيُرْجَعُ إلَيْهِ فِي حُكْمِهَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا وَحُكْمِ الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَانْفَسَخَتْ بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ وَالْبِنَاءُ مِلْكٌ لِلْبَانِي فَلَهُ نَقْضُهُ أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا إنْ كَانَ لِلْوَقْفِ رِيعٌ يُدْفَعُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ لَا يَحْتَاجُ لِمَا بَنَاهُ وَإِلَّا فَيُوَفِّي لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ قَطْعًا أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[رَجُل لَهُ أَوْلَادٌ وَبَنَاتٌ وَأَرَادَ التَّحْبِيسَ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ لَهُ أَوْلَادٌ وَبَنَاتٌ وَأَرَادَ التَّحْبِيسَ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ ظَاهِرًا وَأَشْهَدَ خُفْيَةً أَنَّهُ إنْ وَقَعَ مِنْهُ التَّخْصِيصُ بِالذُّكُورِ إنَّمَا هُوَ خَوْفٌ مِنْهُمْ، وَلَا يَمْضِي، ثُمَّ خَصَّصَ وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَلْ لَا يَمْضِي لِلْبَيِّنَةِ الْمَذْكُورَةِ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَا يَمْضِي تَخْصِيصُ الْحَبْسِ بِالذُّكُورِ لِبَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءِ بِالتَّعْمِيمِ وَعَدَمِ الْتِزَامِ التَّخْصِيصِ بَاطِنًا قَالَ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَالِاسْتِرْعَاءِ يَنْفَعُ فِي كُلِّ تَطَوُّعٍ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالطَّلَاقِ وَالْحَبْسِ، وَلَا يَلْزَمُهُ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ سَبَبَ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ وَالْعُمْرَى مِنْ التَّطَوُّعَاتِ فَتَنْفَعُ فِيهَا بَيِّنَةُ الْإِيدَاعِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ سَبَبُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute