وَجَبَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الرِّبَاعِ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُمَا وَاحِدٌ فِي عِلْمِ الشُّهُودِ.
الثَّانِي لَا يَجِبُ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ فِي انْتِقَالِ الْأَمْلَاكِ مِنْ الرَّبْعِ وَالْعَقَارِ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهَا وَكَتْبِ الْوَثَائِقِ فِيهَا وَالِاهْتِمَامِ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَانْتِفَاءُ وُجُودِ ذَلِكَ مُقَوٍّ لِشَهَادَةِ الشُّهُودِ فِي إبْقَاءِ الْمِلْكِ فَلَمْ تَجِبْ الْيَمِينُ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ مَا يُوجِبُ الْيَمِينَ فَيُكَلِّفُهَا أَوْ لَا يَدَّعِي فَلَا يُكَلِّفُهَا يَعْنِي فِي رَبْعٍ كَانَ ذَلِكَ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ سِلْعَةٍ قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ فِي النَّوَادِرِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ الْمُنَاصِفِ وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَمَنْ ادَّعَى فِي شَيْءٍ بِيَدِ غَيْرِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ فَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَقُولَ مِنْ أَيْنَ صَارَ لَهُ وَلَا بِأَيِّ وَجْهٍ يَمْلِكُهُ وَعَلَى الْمُدَّعِي إثْبَاتُ تَمَلُّكِهِ لَهُ.
[الْمُسْتَحَقَّات عَلَى نَوْعَيْنِ أُصُولٌ وَغَيْرُهَا]
وَالْمُسْتَحَقَّات عَلَى نَوْعَيْنِ أُصُولٌ وَغَيْرُهَا فَأَمَّا الْأُصُولُ فَيَكْتُبُ فِيهَا عَقْدًا يَعْرِفُ شُهُودَهُ فُلَانًا وَيَعْلَمُونَ لَهُ مَالًا وَمِلْكًا جَمِيعَ الدَّارِ أَوْ الْمَوْضِعِ أَوْ الضَّيْعَةِ بِكَذَا حُدُودُهَا كَذَا لَا يَعْلَمُونَ لَهُ فِيهَا بَيْعًا وَلَا تَفْوِيتًا وَلَا أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ حَتَّى الْآنَ وَيَحُوزُونَ ذَلِكَ وَيُعَيِّنُونَهُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِ مَتَى دُعُوا إلَى ذَلِكَ وَقَيَّدُوا عَلَى ذَلِكَ شَهَادَتَهُمْ فِي كَذَا، وَإِنْ كَانَ الْقَائِمُونَ وَرَثَةً فَيَكْتُبُ فِيهِ مَا نَصُّهُ يَعْرِفُ شُهُودَهُ فُلَانًا وَيَعْلَمُونَ لَهُ مَالًا وَمِلْكًا جَمِيعَ الدَّارِ وَالْمِلْكِ بِكَذَا حُدُودُهُ كَذَا لَا يَعْلَمُونَ لَهُ فِيهِ بَيْعًا وَلَا تَفْوِيتًا وَلَا أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ إلَى أَنْ مَاتَ وَأَحَاطَ بِمِيرَاثِهِ زَوْجُهُ فُلَانَةُ وَبَنُوهُ مِنْهَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَ مَنْ ذُكِرَ وَلَا يَعْلَمُونَ لِأَحَدٍ مِنْ وَرَثَتِهِ بَيْعًا وَلَا تَفْوِيتًا بِوَجْهٍ حَتَّى الْآنَ وَمَنْ عَلِمَ ذَلِكَ عَلَى حَسْبِهِ وَيَعْرِفُ مَنْ ذُكِرَ وَيَحُوزُ الْمِلْكَ بِعَيْنِهِ قَيْدٌ عَلَى ذَلِكَ شَهَادَتُهُ فِي كَذَا بَيَانٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الَّذِي مَضَى بِهِ الْعَمَلُ وَأَفْتَى بِهِ شُيُوخُنَا أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَقَارًا بِيَدِ غَيْرِهِ زَعَمَ أَنَّهُ صَارَ إلَيْهِ مِمَّنْ وَرِثَهُ عَنْهُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ لَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى يُثْبِتَ الطَّالِبُ مَوْتَ مُوَرِّثِهِ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ وَرِثَ عَنْهُ ذَلِكَ الْعَقَارَ وَوِرَاثَتِهِ لَهُ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَقَفَ الْمَطْلُوبُ حِينَئِذٍ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ خَاصَّةً، وَلَمْ يُسْأَلُ مِنْ أَيْنَ صَارَ لَهُ.
فَإِنْ أَنْكَرَ وَقَالَ الْمَالُ مَالِي وَالْمِلْكُ مِلْكِي وَدَعْوَاهُ فِيهِ بَاطِلَةٌ اكْتَفَى بِذَلِكَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْهُ وَكُلِّفَ الطَّالِبُ إثْبَاتَ الْمِلْكِ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ وَرِثَهُ عَنْهُ وَمَوْتُهُ وَوِرَاثَتُهُ لَهُ فَإِنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ عَلَى مَا يَجِبُ سُئِلَ الْمَطْلُوبُ حِينَئِذٍ مِنْ أَيْنَ صَارَ لَهُ وَكُلِّفَ الْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ صَارَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مَوْرُوثِ الطَّالِبِ الَّذِي ثَبَتَ الْمِلْكُ لَهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَلَا يَنْفَعُهُ إثْبَاتُهُ إنْ أَثْبَتَهُ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ صَارَ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ مَوْرُوثِ الطَّالِبِ بِوَجْهٍ يَذْكُرُهُ كُلِّفَ إثْبَاتُ ذَلِكَ فَإِنْ أَثْبَتَهُ وَعَجَزَ الطَّالِبُ عَنْ الدَّفْعِ فِي ذَلِكَ بَطَلَ دَعْوَاهُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ قُضِيَ لِلطَّالِبِ بِهِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ أَحْفَظُهُ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ أَنَّ الْفَتْوَى مَضَتْ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ يَلْزَمُهُ ابْتِدَاءً قَبْلَ إثْبَاتِ الْمُدَّعِي الْمِلْكَ لِمُوَرِّثِهِ الْجَوَابُ هَلْ صَارَ إلَيْهِ بِسَبَبِهِ أَوْ بِسَبَبِ مُوَرِّثِهِ الَّذِي أَثْبَتَ مَوْتَهُ وَوِرَاثَتَهُ لَهُ بَعِيدٌ وَقَوْلُنَا وَيَعْلَمُونَ لَهُ مَالًا وَمِلْكًا هُوَ الصَّوَابُ فَإِنْ قَالَ مَلَكَهُ خَاصَّةً أَوْ حَازَهُ أَوْ سَكَنَهُ فَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الشُّيُوخِ فَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ الشَّهَادَةُ سَاقِطَةٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَفْظٌ مُحْتَمِلٌ غَيْرُ بَيِّنٍ وَقَالَ ابْنُ عَتَّابٍ إنْ كَانَ الشُّهُودُ لَهُمْ نَبَاهَةٌ وَمَعْرِفَةٌ بِالشَّهَادَةِ فَهِيَ عَامِلَةٌ وَإِلَّا فَلَا.
وَقَالَ أَبُو الْمُطَرِّفِ هِيَ شَهَادَةٌ تَامَّةٌ وَقَوْلُنَا لَا يَعْلَمُونَ لَهُ فِيهِ بَيْعًا وَلَا تَفْوِيتًا هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ إذْ لَا يَسُوغُ عِنْدَهُ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَبِعْهُ وَلَا فَوَّتَهُ وَكَذَلِكَ لَا وَارِثَ لَهُ وَلَا مَالَ لَهُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يُعْطِي الْقَطْعَ وَالْبَتَّ فَهُوَ يُضَارِعُ الْغَمُوسَ وَالزُّورَ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute