وَالْمُسْتَحِيلَات وَالْجَائِزَاتِ وَيَجِدُونَ لِذَلِكَ لَذَّةً لَا تَقْرَبُ مِنْهَا لَذَّةٌ أَبَدًا قَالَ فِي قُرَّةِ الْعَيْنِ قَدْ وَرَدَ «أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَقُولُونَ يَا رَبَّنَا كُنَّا فِي الدُّنْيَا نُحِبُّ ذِكْرَك وَسَمَاعَ كَلَامِكَ مِنْ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ فَيَقُولُ اللَّهُ - تَعَالَى - يَا دَاوُد اصْعَدْ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَسْمِعْ أَحْبَابِي عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ الزَّبُورِ فَيُطْرَبُ الْقَوْمُ مِنْ صَوْتِ دَاوُد فَإِذَا أَفَاقُوا يَقُولُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - يَا عِبَادِي هَلْ سَمِعْتُمْ صَوْتًا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا فَيَقُولُونَ مَا سَمِعْنَا صَوْتًا أَطْيَبَ مِنْ هَذَا فَيَقُولُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - يَا حَبِيبِي يَا مُحَمَّدُ اصْعَدْ عَلَى الْمِنْبَرِ وَاقْرَأْ سُورَةَ طَهَ وَيس فَيَقْرَؤُهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَزِيدُ حُسْنُ صَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى صَوْتِ دَاوُد بِسَبْعِينَ ضِعْفًا فَيُطْرَبُ الْقَوْمُ وَتُطْرَبُ الْكَرَاسِيُّ مِنْ تَحْتِهِمْ وَتُطْرَبُ قَنَادِيلُ الْعَرْشِ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْحُورُ وَالْوِلْدَانُ وَيَمُوجُونَ مِنْ الطَّرَبِ فَإِذَا أَفَاقُوا حَمِدُوا اللَّهَ تَعَالَى وَشَكَرُوهُ عَلَى مَا أَعْطَاهُمْ مِنْ النَّعِيمِ فَيَقُولُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - يَا عِبَادِي قَدْ أَكْمَلْتُ لَكُمْ ذَلِكَ الطَّرَبَ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِي» وَلِأَهْلِ الْجَنَّةِ سَمَاعُ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا وَأَجَلَّ لَيْسَ فَوْقَهُ سَمَاعٌ وَهُوَ سَمَاعُهُمْ كَلَامَ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَسَلَامَهُ عَلَيْهِمْ فَفِي الْحَدِيثِ «مَا مِنْكُمْ إلَّا مَنْ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَدْخُلُونَ عَلَى الْجَبَّارِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ فَيَقْرَأُ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ وَهُمْ جَالِسُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ مِنْ دُرٍّ وَيَاقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ وَذَهَبٍ وَزُمُرُّدٍ فَلَمْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُمْ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَسْمَعُوا شَيْئًا قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهُ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ إلَى مَنَازِلِهِمْ نَاعِمِينَ قَرِيرَةً أَعْيُنُهُمْ إلَى مِثْلِهَا مِنْ الْغَدِ اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الدُّخُولَ كِنَايَةٌ عَنْ رَفْعِ الْحِجَابِ عَنْهُمْ وَالِانْصِرَافَ كِنَايَةٌ عَنْ إعَادَتِهِ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَاَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ الْمَكَانِ وَالْجِهَةِ وَسَائِرِ صِفَاتِ الْحَوَادِثِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيَّ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ هَلْ يُعَذَّبَانِ فِي النَّارِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ هَلْ يُعَذَّبَانِ فِي النَّارِ فَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: ٩٨] أَفِيدُوا.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا يَدْخُلَانِ النَّارَ مَعَ مَنْ عَبَدَهُمَا وَهُمَا مُخْرَجَانِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {مَا تَعْبُدُونَ} [البقرة: ١٣٣] لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: ١٠١] كَعِيسَى وَأُمِّهِ وَالْعُزَيْرِ وَالْمَلَائِكَةِ.
قَالَ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَيْك هَذِهِ الْآيَةَ {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: ٩٨] قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ الزِّبَعْرَى قَدْ عُبِدَتْ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْمَلَائِكَةُ وَعُزَيْرُ وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ كُلُّ هَؤُلَاءِ فِي النَّارِ مَعَ آلِهَتِنَا فَنَزَلَتْ {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: ٥٧] {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: ٥٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute