فَالْحُكْمُ مَا أَفَدْنَاهُ هُنَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقَ كَانَ الْحُكْمُ مَا أَفَدْنَاهُ أَوَّلًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ، وَأَخٍ، وَتَرَكَ نَخِيلًا فَبَاعَ الْأَخُ نِصْفَهُ ثُمَّ مَاتَ عَنْ بِنْتٍ فَبَاعَتْ النِّصْفَ الْبَاقِيَ وَمَا زَالَ يَنْتَقِلُ مِنْ بَائِعٍ إلَى آخَرَ حَتَّى مَضَتْ زِيَادَةٌ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ أَرَادَتْ بِنْتُ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ أَخْذَ مَا يَخُصُّهَا، وَالْحَالُ أَنَّهَا حَاضِرَةٌ سَاكِتَةٌ فَهَلْ تُجَابُ لِذَلِكَ أَوْ لَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ فَأَجَابَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا بِيعَ مِلْكُ الشَّخْصِ، وَهُوَ حَاضِرٌ مَجْلِسَ الْبَيْعِ، وَسَكَتَ بِلَا عُذْرٍ لَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ مَا لَمْ تَمْضِ سَنَةٌ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ مَا لَمْ يَسْكُتْ سَنَةً فَإِنْ سَكَتَ سَنَةً لَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَمْضِ عَشْرُ سِنِينَ فَإِنْ مَضَتْ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ رَجُلٍ حَائِزٍ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً فَزَرَعَ جَمَاعَةٌ نِصْفَهَا ذُرَةً بِالسَّقْيِ وَجَعَلُوا لَهُ الرُّبْعَ مِنْ الْخَارِجِ، وَدَفَعَ لَهُمْ رُبْعَ الْبَذْرِ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِمْ عَلَى حَسَبِ عُرْفِهِمْ، وَعَجَزُوا عَنْ زَرْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ، وَعِنْدَ تَوْزِيعِ الطِّينِ عَلَى أَهْلِ النَّاحِيَةِ أَعْطَاهُ شَيْخُ الْبَلَدِ لِرَجُلٍ قَادِرٍ فَزَرَعَهُ فُولًا بِالْمِحْرَاثِ، وَلَمَّا بَدَا صَلَاحُ الذُّرَةِ نَازَعَ هَذَا الرَّجُلُ حَائِزَ الْأَرْضِ مُرِيدًا نَزْعَ تِلْكَ الْحِصَّةِ مِنْهُ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ شَيْخَ الْبَلَدِ قَهَرَهُ عَلَى زَرْعِ الْفُولِ فَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا كَلَامَ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ مَعَ حَائِزِ الْأَرْضِ، وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الذُّرَةِ أَصْلًا، وَتَعَلُّلُهُ بِقَهْرِ شَيْخِ الْبَلَدِ لَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ لِأَنَّ شَيْخَ الْبَلَدِ لَا كَلَامَ لَهُ فِي نَزْعِ أَطْيَانِ النَّاسِ، وَإِعْطَائِهَا لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُعْطِهِ جَمِيعَ الْأَرْضِ، وَقَهْرُهُ عَلَى الزَّرْعِ ظُلْمٌ، وَالْمَظْلُومُ لَا يَظْلِمُ غَيْرَهُ، وَمَا دَامَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الْأَرْضِ يَزْرَعُهَا، وَيَدْفَعُ خَرَاجَهَا لَا يَحِلُّ نَزْعُهَا مِنْهُ لِغَيْرِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ فَتْحِ أَبْوَابِ الْفِتَنِ وَالْفَسَادِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ لِآخَرَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا أَوْ عَقَارًا مُنَاقَلَةً، وَيَدْفَعَ أَحَدُهُمَا زِيَادَةً عَلَى شَيْئِهِ لِصَاحِبِهِ فَهَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَلَا رَدَّ لِأَحَدِهِمَا أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ ذَلِكَ جَائِزٌ لَازِمٌ فَلَا رَدَّ لِأَحَدِهِمَا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ بِأَنْ لَا يَكُونَ الشَّيْئَانِ الْمُنَاقَلُ بِهِمَا نَقْدَيْنِ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ، وَلَا طَعَامَيْنِ كَذَلِكَ، وَالنِّسَاءُ وَالسَّلَفُ بِزِيَادَةٍ، وَالضَّمَانُ بِجُعَلٍ، وَالدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، وَبَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ بِأَنْ يَكُونَا حَالَّيْنِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[رَجُل اشْتَرَى مِنْ آخَرَ آلَةَ لَهْوٍ كَالزَّمَّارَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَوَجَدَ فِيهَا عَيْبًا]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ آلَةَ لَهْوٍ كَالزَّمَّارَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَوَجَدَ فِيهَا عَيْبًا فَهَلْ لَهُ رَدُّهَا بِهِ، وَعَلَيْهِ الْقَبُولُ بَعْدَ مُدَّةٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ أَفِيدُوا.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إنْ كَانَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ فَوَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِحَوَالَةِ سَوْقٍ فَأَعْلَى وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ بِرَدِّ الْآلَةِ لِلْبَائِعِ وَالثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي لِفَسَادِهِ بِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ الشَّرْعِيِّ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَيَنْظُرُ فِي الْمَذْهَبِ، وَسَائِرِ الْمَذَاهِبِ فَإِنْ اتَّفَقَتْ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْبَيْعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِالْعَيْبِ لِأَنَّهَا لَزِمَتْهُ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا بِهِ لِأَنَّهَا لَزِمَتْهُ بِالثَّمَنِ، وَقَدْ كَانَ الْتَزَمَهُ عَلَى أَنَّهَا سَالِمَةٌ مِنْهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَامُوسَةً، وَاشْتَرَطَ كَثْرَةَ السَّمْنِ فَقَالَ الْبَائِعُ كُلُّ جُمُعَةٍ لَهَا رِطْلٍ