تَشْهَدُ بِأَنَّ الْحُلِيَّ الْمُعَيَّنَ أَوْ الْمَسْكُوكَ الْمُعَيَّنَ مِلْكٌ لِعَمْرٍو لَا يَعْلَمُونَ خُرُوجَهُ وَلَا خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهُ عَنْ مِلْكِهِ حَتَّى الْآنَ وَأَعْذَرَ الْحَاكِمُ لِزَيْدٍ فِي الْبَيِّنَةِ فَعَجَزَ وَحَلَفَ عَمْرٌو عَلَى طِبْقِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا فِي الْحَلِفِ مِنْ الْخِلَافِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بِالْحُلِيِّ أَوْ الْمَسْكُوكِ لِعَمْرٍو إذْ شُرُوطُ الِاسْتِحْقَاقِ مَوْجُودَةٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِ الْمُسْتَحَقِّ إنْ كَانَ غَيْرَ عَقَارٍ وَإِلَّا فَحِيَازَتُهُ.
الثَّانِي: الْإِعْذَارُ فِي ذَلِكَ لِلْحَائِزِ.
الثَّالِثُ: يَمِينُ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى خِلَافٍ فِيهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا مِنْ شُرُوطِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مَسْكُوكًا وَلَا حُلِيًّا بَلْ صَرَّحَ الْعَلَّامَةُ الْخَرَشِيُّ وَالْأُسْتَاذُ عَبْدُ الْبَاقِي بِأَنَّ الْحُلِيَّ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَنَصَّ الثَّانِي وَرَجَعَ فِي بَيْعِ عَرْضٍ بِعَرْضٍ مُقَوَّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ مُعَيَّنٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ عَرْضُهُ الَّذِي بَذَلَهُ إنْ وَجَدَهُ لَا فِيمَا أُخِذَ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ عَرْضُ غَيْرِهِ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ وَكَانَ مُقَوَّمًا وَإِلَّا فَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَأَرَادَ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ النَّقْدَ الَّذِي لَا يَقْضِي فِيهِ بِالْقِيمَةِ فَالنَّقْدُ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ بِالْقِيمَةِ كَالْحُلِيِّ مِنْ جُمْلَةِ الْعَرْضِ هُنَا انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ وَأَقَرَّهُمَا النُّقَّادُ كَالْعَلَّامَةِ الرَّمَاصِيِّ وَالْإِمَامِ الْعَدَوِيِّ وَالْأُسْتَاذِ الْبُنَانِيِّ وَخَاتِمَتِهِمْ الْأَمِيرِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَأَنْتَ تَرَاهُ عَمَّمَ فِي الْعَرْضِ وَجَعَلَهُ شَامِلًا لِلْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ وَأَدْخَلَ فِيهِ الْحُلِيَّ وَقَالَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا فَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحِلَّ يَسْتَحِقُّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ اسْتِحْقَاقٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ مُعَيِّنَةٍ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ ثُمَّ مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ غَيِّهِ بِهَذَا الْبَيَانِ فَهُوَ مُعَانِدٌ فَاجِرٌ شَيْطَانٌ نَعُوذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ وَمَنْ جَحْدِ الْحَقِّ بَعْدَ ظُهُورِهِ، اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ فَنَتْبَعَهُ وَالْبَاطِلَ بَاطِلًا فَنَجْتَنِبَهُ وَنَسْأَلُك بِجَاهِ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَمُنَّ عَلَيْنَا بِحُسْنِ الْخِتَامِ.
[مَسَائِلُ الْحِيَازَةِ]
[ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ لِأُمِّ أَبِي أَبِيهِ ثُلُثَ الْعَقَارِ وَهُوَ حَاضِرٌ فِي النَّاحِيَةِ سَاكِتٌ وَوَالِدُهُ وَجَدُّهُ كَذَلِكَ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَسَائِلُ الْحِيَازَةِ (مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ وَرِثَ عَقَارًا عَنْ وَالِدِهِ وَوَالِدُهُ عَنْ وَالِدِهِ أَيْضًا وَتَصَرَّفَ كُلٌّ فِيهِ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَبَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى ثَمَانِينَ سَنَةٍ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ لِأُمِّ أَبِي أَبِيهِ ثُلُثَ الْعَقَارِ وَهُوَ حَاضِرٌ فِي النَّاحِيَةِ سَاكِتٌ وَوَالِدُهُ وَجَدُّهُ كَذَلِكَ فَأَجَابَ الْحَائِزُ بِأَنَّ جَدَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهَا بِوَثِيقَةٍ وَشُهُودٍ عُدُولٍ غَيْرَ أَنَّ الْوَثِيقَةَ ضَاعَتْ وَالْبَيِّنَةَ هَلَكَتْ فَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْقَائِمِ حَيْثُ حَضَرَ هُوَ وَأُصُولُهُ وَسَكَتُوا الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِلَا مَانِعٍ مِنْ الْقِيَامِ وَيَبْقَى الْعَقَارُ بِيَدِ حَائِزِهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ ضَيَاعُ الْوَثِيقَةِ وَمَوْتُ الْبَيِّنَةِ فَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً فِي دَارٍ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ فُلَانٍ وَأَنَّهُ بَاعَهُ مَالِكٌ وَأَقَامَ مَنْ بِيَدِهِ الدَّارُ بَيِّنَةً أَنَّهُ يَمْلِكُهَا قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا وَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا وَبَقِيَتْ الدَّارُ بِيَدِ حَائِزِهَا كَمَا لَوْ ادَّعَاهَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِي ابْتَاعَهَا مِنْهُ لَقَضَى بِهَا لِحَائِزِهَا عِنْدَ تَكَافُؤِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لِلْحَائِزِ بَيِّنَةٌ قَضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي إلَّا أَنْ تَكُونَ طَالَتْ حِيَازَةُ الْحَائِزِ بِحَالِ مَا وَصَفْنَا فِي الْحِيَازَةِ وَالْمُدَّعِي حَاضِرٌ فَهُوَ قَطْعٌ لَدَعْوَاهُ انْتَهَى، وَالشَّاهِدُ مِنْهُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ إلَخْ، وَفِيهَا أَيْضًا سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَنْ قِيمَ عَلَيْهِ فِي مِلْكٍ بِيَدِهِ وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute