للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصَارَتْ نَفَقَتُهُ كَالدَّيْنِ الْوَاجِبِ لَهُ عَلَيْهِ اهـ.

قُلْت وَإِذَا قَالَ بِذَلِكَ فِي الْفَلَسِ فَأَحْرَى فِي الْمَوْتِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ قَدْرُ رَضَاعِهِ وَمُؤْنَتِهِ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الْكَسْبِ وَيُوقَفُ ذَلِكَ لِيُصْرَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ الصَّغِيرُ قَبْلَ اسْتِكْمَالِهِ مَا وُقِفَ لَهُ رَجَعَ ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ، وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْفَلَسِ يُوقَفُ فَإِنْ مَاتَ رَجَعَ لِلْغُرَمَاءِ هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ اخْتَارَ ذَلِكَ وَاخْتَارَ هُوَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَرِكَتَهُ شَيْءٌ

قُلْت وَهُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي، وَكَذَلِكَ عِنْدِي فِي مَسْأَلَةِ الْفَلَسِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ وَفِي كَلَامِ الْبُرْزُلِيِّ فَائِدَةٌ أُخْرَى فَلْنَذْكُرْهُ بِلَفْظِهِ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِي كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ الْآتِي فِي الْفَرْعِ بَعْدَ هَذَا مَا نَصُّهُ قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ يَقُومُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ صَغِيرٍ لَا يَلْزَمُ الْمُوصِيَ نَفَقَتُهُ فِي تَرِكَتِهِ وَكَانَتْ نَزَلَتْ أَيَّامَ قَضَاءِ شَيْخِنَا ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُدَبَّرِهِ وَلَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ، وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِ نَصٌّ فِيهَا بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ وَتَوَقَّفَ فِي إيجَابِ نَفَقَتِهَا فِي ثُلُثِ مُدَبَّرِهَا قُلْت مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ هُوَ فِي كِتَابِ الْحَضَانَةِ مِنْ مُخْتَصَرِهِ. قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَوَقَعَتْ فِي عَصْرِنَا فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ صَغِيرًا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ أَنْ يَسْأَلَ فَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَةِ مُعْتِقِهِ مَا يُبَلِّغُهُ إلَى بُلُوغِهِ وَأَشُكُّ أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ بِذَلِكَ وَيَجْرِي عَلَى مَا قَالَ أَبُو حَفْصٍ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ قَدْرُ مَا يُبَلِّغُهُ إلَى الْقُدْرَةِ عَلَى السُّؤَالِ وَكَانَ ظَهَرَ لِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَرِكَتَهُ شَيْءٌ مِنْ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْجُعَلِ فِي الَّذِي مَاتَ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ نَفَقَةَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَنَّهَا يَسْتَرْجِعُهَا الْوَرَثَةُ وَمَا وَجَبَ بِالنَّسَبِ أَقْوَى مِمَّا وَجَبَ بِالِاقْتِرَافِ.

وَفِي الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ تَشْهَدُ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّمَا لَزِمَ رَدُّ هَذَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَهَذَا لَمَّا الْتَزَمَ الْعِتْقَ فَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ لَوَازِمَهُ لَكِنَّ هَذَا مَشْرُوطٌ بِالْحِيَازَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَالٍ مُتَبَرَّعٍ بِهِ شَرْطُهُ الْحِيَازَةُ فِي الصِّحَّةِ وَلَيْسَ الْمَرَضُ وَالْمَوْتُ وَالتَّفْلِيسُ زَمَنَ حِيَازَةٍ فَلِهَذَا اخْتَرْنَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَيَصِيرُ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا إذَا افْتَقَرَ الْحُرُّ فَنَفَقَةُ وَلَدِهِ الصِّغَارِ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ اهـ.

قُلْت وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي، وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا حَقٌّ وَاجِبٌ لِلصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَهُ لَوُرِثَ عَنْهُ إذَا مَاتَ، وَلَا قَائِلَ بِهِ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ شَيْئًا فَشَيْئًا مَا دَامَ الْمُعْتِقُ لَمْ يُفْلِسْ وَلَمْ يَمُتْ فَإِذَا فَلِسَ أَوْ مَاتَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَنْ أَعْتَقَ صَغِيرًا وَمَاتَ وَخَلَّفَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَقَطْ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا أَنَّ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ تُوقَفُ لِلصَّغِيرِ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَيَتْرُكُ أَوْلَادَهُ بِلَا شَيْءٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِيمَنْ الْتَزَمَ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةَ ابْنِهَا سِنِينَ سَمَّاهَا بِدَنَانِيرَ سَمَّاهَا أَنَّهُ إذَا مَاتَ سَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ فَتَأَمَّلْهُ مُنْصِفًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[أُعْتِقَ الصَّغِيرُ وَأُمُّهُ مَمْلُوكَةٌ وَأُمُّهَا حُرَّةٌ فَتَنَازَعَاهُ]

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلِمَالِكٍ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ إنْ أُعْتِقَ الصَّغِيرُ وَأُمُّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>