الْفَلَكَ الْأَعْظَمَ لَيْسَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ لَا خَلَا وَلَا مَلَا فَمَبْنِيٌّ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِحَرَكَاتِ الْكَوَاكِبِ وَنَحْوِهِ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي أَمَاكِنِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
(وَسُئِلَ أَيْضًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا نَصُّهُ) مَا قَوْلُكُمْ فِي النُّورِ الْمُحَمَّدِيِّ هَلْ هُوَ جِسْمٌ أَوْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ بِجِسْمِيَّتِهِ وَقُلْتُمْ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ قَبْلَ الْأَشْيَاءِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ شَمْسٌ وَلَا قَمَرٌ وَلَا جِنِّيٌّ وَلَا مَلَكٌ وَلَا أَرْضٌ وَلَا سَمَاءُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَيِّزٍ يَتَحَيَّزُ فِيهِ وَلَا حَيِّزَ هُنَاكَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ؛ النُّورُ الْمُحَمَّدِيُّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ السَّابِقُ فِي الْإِيجَادِ قَبْلَ جَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ لَا تُطْلَقُ عَلَيْهِ الْجِسْمِيَّةُ إذْ لَا نَعْلَمُ فِيهِ إذْنًا وَرَدَ وَلَا تَوْقِيفًا كَيْفَ وَالْجِسْمُ مَا كَانَ مِنْ مَوَادٍّ تُرَكَّبُ مِنْهَا وَهَذَا مَادَّةُ الْمَوَادِّ كُلِّهَا، وَأَصْلُ الْأُصُولِ وَأَوَّلُ الْأَوَّلِ نَعَمْ هُوَ جَوْهَرٌ قَائِمٌ بِذَاتِهِ وَأَمَّا الْحَيِّزُ فَهُوَ فَرَاغٌ مَوْهُومٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ لَا تَحَقُّقَ لَهُ وَإِلَّا احْتَاجَ لِحَيِّزٍ وَدَوْرٍ أَوْ تَسَلْسُلٍ فَانْدَفَعَ التَّوَقُّفُ وَإِنَّمَا يَتِمُّ الْبَحْثُ بِقَوْلِ السَّائِلِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَيِّزٍ وَلَا حَيِّزَ هُنَاكَ لَوْ كَانَ الْحَيِّزُ أَمْرًا وُجُودِيًّا وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْجَمَاعَةِ فَعَلَى مَذْهَبِهِمْ لَا إشْكَالَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ.
[الْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ هَلْ هِيَ أَجْسَامٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ جَوَاهِرَ وَأَعْرَاضٍ]
(وَسُئِلَ أَيْضًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَا نَصُّهُ) مَا قَوْلُكُمْ فِي الْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ هَلْ هِيَ أَجْسَامٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ جَوَاهِرَ وَأَعْرَاضٍ أَوْ لَا؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
(فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ؛ الْمَلَائِكَةُ جَوَاهِرُ نُورَانِيَّةٌ رُوحَانِيَّةٌ لَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى التَّشَكُّلِ لَا يُوصَفُونَ بِذُكُورَةٍ وَلَا أُنُوثَةٍ وَلَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ وَيُوصَفُونَ بِالْأَعْرَاضِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَيَفْعُلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ وَيَتَنَزَّلُونَ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْرَاضِ لِأَنَّ التَّسْبِيحَ قَوْلٌ وَهُوَ عَرَضٌ وَالْفِعْلَ عَرَضٌ وَحَرَكَةَ النُّزُولِ عَرَضٌ وَكَذَلِكَ الصُّعُودَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَوَرَدَ أَنَّ لَهُمْ أَجْنِحَةً وَهِيَ جَوَاهِرُ فَهُمْ مُرَكَّبُونَ مِنْ جَوَاهِرَ نُورَانِيَّةٍ وَيُوصَفُونَ بِالْأَعْرَاضِ اللَّائِقَةِ بِالصُّورَةِ النُّورَانِيَّةِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُمْ عُقُولٌ مُجَرَّدَاتٌ فَقَوْلُ الْحُكَمَاءِ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَمَا قَوْلُكُمْ) فِي أَرْوَاحِ الْبَهَائِمِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِذَبْحٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْنَ تَسْتَقِرُّ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ أَرْوَاحُ الْبَهَائِمِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِذَبْحٍ أَوْ غَيْرِهِ تَسْتَقِرُّ فِي الْبَرْزَخِ كَمَا كَانَتْ فِيهِ قَبْلَ خَلْقِ الْجِسْمِ وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ رَوَاهُ الْأَشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِتَابِهِ شَجَرَةِ الْيَقِينِ فِي تَخْلِيقِ نُورِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَصُّهُ: " وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا - «إنَّ اللَّهَ خَلَقَ الصُّورَ وَلَهُ أَرْبَعَةُ شُعَبٍ شُعْبَةٌ مِنْهَا فِي الْمَغْرِبِ وَشُعْبَةٌ مِنْهَا فِي الْمَشْرِقِ وَشُعْبَةٌ مِنْهَا تَحْتَ الْأَرْضِ وَشُعْبَةٌ مِنْهَا فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَفِي الصُّورِ مِنْ الثَّقْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute