[رَجُلٍ نَحَرَ بَعِيرًا فَوْقَ اللَّبَّةِ بِأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ جَاهِلًا مَحَلِّ النَّحْرِ فَقَطْ]
مَا قَوْلُكُمْ) - دَامَ النَّفْعُ بِكُمْ - فِي رَجُلٍ نَحَرَ بَعِيرًا فَوْقَ اللَّبَّةِ بِأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ جَاهِلًا مَحَلِّ النَّحْرِ فَقَطْ فَهَلْ يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ، وَيُؤْكَلُ الْبَعِيرُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا كَانَ فَوْقَ الْأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ يُؤْكَلُ، وَمَا الْحُكْمُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَتَانِ لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ فَطَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ: إجْزَاءُ الطَّعْنِ فِي الْوَدَجِ بَيْنَ اللَّبَّةِ، وَالْمَذْبَحِ، وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمُ إجْزَاءِ ذَلِكَ، وَتَعَيَّنَ الطَّعْنُ فِي اللَّبَّةِ، وَالظَّاهِرُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ، وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّبَّةُ هِيَ الْمَنْحَرُ وَالْبَاجِيُّ مَحَلُّ النَّحْرِ اللَّبَّةُ الْجَوْهَرِيُّ هِيَ مَحَلُّ الْقِلَادَةِ مِنْ الصَّدْرِ اللَّخْمِيُّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مُطْلَقُ الطَّعْنِ فِي الْوَدَجِ بَيْنَ اللَّبَّةِ، وَالْمَذْبَحِ يُجْزِئُ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ عُمَرَ أَمَرَ مَنْ نَادَى: النَّحْرُ فِي الْحَلْقِ، وَاللَّبَّةِ وَقَالَ مَالِكٌ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ، وَالْمَذْبَحِ مَنْحَرٌ، وَمَذْبَحٌ فَإِنْ ذَبَحَ أَوْ نَحَرَ أَجْزَأَ، وَلَا يُجْزِئُ الطَّعْنُ فِي الْحُلْقُومِ دُونَ وَدَجٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْرِعُ بِهِ الْمَوْتَ ابْنُ رُشْدٍ عَبَّرَ عُمَرُ بِالنَّحْرِ عَنْ الذَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ جُلُّ فِعْلِهِمْ يَوْمئِذٍ، وَلِذَا سُمِّيَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّخْيِيرَ فِي أَنَّ النَّحْرَ فِي الْحَلْقِ أَوْ اللَّبَّةِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ النَّحْرِ، وَالْحَلْقَ مَحَلُّ الذَّبْحِ، وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا مَحَلَّ الْآخَرِ فَلَوْ نَحَرَ شَاةً فِي مَذْبَحِهَا فَلَا تُؤْكَلُ اتِّفَاقًا، وَحَمَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَهُ عَلَى التَّخْيِيرِ قَالَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مُطْلَقُ الطَّعْنِ إلَى آخِرِ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ بَلْ مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ مَالِكٍ إنَّمَا قَالَهُ فِي الضَّرُورَةِ كَمَا لَوْ سَقَطَ بِمَهْوَاةٍ انْتَهَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
[الْبَقَرِ الَّذِي يُصِيبُهُ دَاءٌ يَقْطَعُ فِشَّتَهُ أَوْ يَذُبُّهَا حَتَّى تَصِيرَ قَيْحًا كَزَبَدِ الْبَحْرِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الْبَقَرِ الَّذِي يُصِيبُهُ دَاءٌ يَقْطَعُ فِشَّتَهُ أَوْ يَذُبُّهَا حَتَّى تَصِيرَ قَيْحًا كَزَبَدِ الْبَحْرِ فَقَدْ أَشْكَلَ عَلَيْنَا حُكْمُهُ بِسَبَبِ مَا نُقِلَ عَنْ الْمِعْيَارِ مِنْ أَنَّ الَّذِي انْفَصِلْ عَنْهُ الْبَحْثُ أَنَّ جُرْحَ الْقَلْبِ مِنْ الْمَقَاتِلِ، وَأَنَّ الرِّئَةَ، وَالْكُلْيَتَيْنِ فِي مَعْنَى الْقَلْبِ فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مُفَرَّقًا أَوْ مُقَطَّعًا أَوْ مَجْرُوحًا فَلَا يُؤْكَلُ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْعَدُوَّيْ عَلَى الرِّسَالَةِ كَرَاهَةُ فَاسِدِ الرِّئَةِ وَقَدْ يُعَافَى الْبَقَرُ مِنْ ذَلِكَ الدَّاءِ، وَإِذَا ذُبِحَ وُجِدَ بِلَا رِئَةٍ أَصْلًا أَوْ بِرِئَةٍ نَاقِصَةٍ فَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْمِعْيَارِ وَقَدْ نَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَأَقَرُّوهُ، وَلَا يُعَارِضُهُ كَرَاهَةُ فَاسِدِ الرِّئَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِفَسَادِهَا مُجَرَّدُ الْتِصَاقِهَا بِالظَّهْرِ، وَالْيَهُودُ يَعْتَقِدُونَهُ مَقْتَلًا، وَلَا يَأْكُلُونَ مَا يَجِدُونَهُ كَذَلِكَ، وَيَبِيعُونَهُ لِلْمُسْلِمِينَ بِرُخْصٍ فَنَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ شِرَائِهِ، وَأَكْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى ضَلَالِهِمْ، وَعِبَارَةُ عَبْدِ الْبَاقِي، وَإِلَّا يَثْبُت تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِمْ بِشَرْعِنَا أَيْ لَمْ يُخْبِرْ شَرْعُنَا بِأَنَّهُ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ، وَإِنَّمَا هُمْ أَخْبَرُوا أَنَّ شَرْعَهُمْ حَرَّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ كَالطَّرِيفَةِ أَيْ فَاسِدَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute