للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: ١] ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُفْرِحُهُ، وَيُوجِبُ شَمَاتَتَهُ فِي الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ عَدُوُّهُ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَعْظِيمٌ لَهُ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا إهَانَتُهُ، وَتَحْقِيرُهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعِلَلِ الَّتِي لَا تَخْفَى عَلَى الْبَصِيرِ الْخَبِيرِ بِأَحْكَامِ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ".

[بِنَاءُ الْمَسْجِدِ عَلَى الْمَقْبَرَةِ الْعَافِيَةِ]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الْمَقَابِرِ الْمُجَاوِرَةِ لِمَسْجِدِ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ الْجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ فَهَلْ يَجُوزُ تَعْلِيَةُ ظَاهِرِهَا، وَجَعْلُهَا مُسَاوِيَةً لِأَرْضِهِ، وَإِدْخَالُهَا فِيهِ لِتَوْسِعَتِهِ، وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا كَرَاهَةٍ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ بِلَا كَرَاهَةٍ قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْفِقْهِيِّ: سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا يَقُولُ لَا بَأْسَ بِالْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ الْعَافِيَةِ، وَكَرَاهَتُهَا عَلَى غَيْرِ الْعَافِيَةِ فَوَجَّهَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْقَبْرَ حَبْسٌ، وَالْمَسْجِدَ كَذَلِكَ، وَمَا كَانَ لِلَّهِ يُسْتَعَانُ بِبَعْضِهِ فِي بَعْضٍ اهـ.

وَقَالَ الْمَوَّاقُ فِيمَا حَاذَى بِهِ الْمُخْتَصَرُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا بِنَاءُ الْمَسْجِدِ عَلَى الْمَقْبَرَةِ الْعَافِيَةِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْقَبْرَ وَالْمَسْجِدَ حَبْسَانِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَدَفْنِ مَوْتَاهُمْ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّدَافُنُ فِيهَا وَاحْتِيجَ أَنْ تُتَّخَذَ مَسْجِدًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ لِلَّهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَعَانَ بِبَعْضِهِ فِي بَعْضٍ عَلَى مَا النَّفْعِ فِيهِ أَكْثَرُ، وَالنَّاسُ إلَيْهِ أَحْوَجُ اهـ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

[جَعَلَ الْمَسْجِد الخرب مَقْبَرَة]

(مَا قَوْلُكُمْ) فِي بَلَدٍ فِيهِ مَقْبَرَتَانِ ضَاقَتَا عَنْ أَهْلِهِ، وَفِيهِ مَسْجِدَانِ خَرِبَانِ تُرْمَى بِهِمَا النَّجَاسَاتُ مُجَاوِرٌ أَحَدُهُمَا لِإِحْدَى الْمَقْبَرَتَيْنِ، وَفِي خَارِجِ الْبَلَدِ مَقْبَرَةٌ حَادِثَةٌ تَصِلُ السِّبَاعُ لِبَعْضِ مَوْتَاهَا فَهَلْ يَجُوزُ جَعْلُ الْمَسْجِدَيْنِ الْخَرِبَيْنِ مَقْبَرَةً أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَجُوزُ جَعْلُهُمَا مَقْبَرَةً؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ وَالْمَقْبَرَةَ لِلَّهِ، وَمَا كَانَ لِلَّهِ لَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَعَانَ بِبَعْضِهِ فِي بَعْضٍ عَلَى مَا النَّفْعُ فِيهِ أَكْثَرُ، وَالنَّاسُ إلَيْهِ أَحْوَجُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>