للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْدَهُ إلَى قَوْلِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَشْمَلُ حُصُولَ إبْرَاءٍ بَعْدَ الْإِنْكَارِ وَقَبْلَ الْإِقْرَارِ وَبِهِ أَفْتَى الْبُرْهَانُ وَتِلْمِيذُهُ الشَّمْسُ اللَّقَانِيَّانِ فَيُعْمَلُ بِالْإِقْرَارِ الطَّارِئِ عَلَى الْإِبْرَاءِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ كَانَ ظَالِمًا بِإِنْكَارِهِ أَوْ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارٍ جَدِيدٍ فَيُقَيَّدُ مَا هُنَا بِعَدَمِ إقْرَارِ الْمُبَرَّإِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَيُوَافِقُ مَا فِي الصُّلْحِ وَفَتْوَى اللَّقَانِيِّينَ اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْبُنَانِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهِ فِي الصُّلْحِ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ عَبْدُ الْبَاقِي فِي الصُّلْحِ فَانْظُرْهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[مَسَائِلُ الْجِنَايَاتِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَسَائِلُ الْجِنَايَاتِ (سُئِلَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) عَنْ أَخَوَيْنِ ضَاعَ لَهُمَا عِجْلٌ فَسَعَيَا فِي طَلَبِهِ فَوَجَدَا عِجْلًا بِجِوَارِ بَلْدَةٍ غَيْرِ بَلْدَتِهِمَا فَأَرَادَا أَخْذَهُ فَتَعَرَّضَ لَهُمَا رَجُلٌ اسْمُهُ يُوسُف وَمَعَهُ أَوْلَادُ أُخْتِهِ فَتَقَاتَلُوا بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعِجْل فَمَاتَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ فَادَّعَى أَخُوهُ الْحَاضِرُ مَعَهُ أَنَّ يُوسُفَ قَتَلَهُ فَأَنْكَرَ وَقَالَ إنَّ الْمَيِّتَ ضَرَبَنِي بِنَبُّوتٍ فَانْكَبَبْت عَلَى وَجْهِي وَلَمَّا أَفَقْت وَجَدْته مَيِّتًا وَأَوْلَادُ أُخْتِي حَوْلِي فَهُمْ الْقَاتِلُونَ لَهُ فَصَدَّقَهُ أَخُو الْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَوْلَادُ الْأُخْتِ بَلْ خَالُنَا هُوَ الْقَاتِلُ لَهُ وَتَفَاقَمَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمْ فَمَا الْحُكْمُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟

فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إنْ كَانَ الْعِجْلُ مِلْكًا لِيُوسُف وَمِنْ مَعَهُ، وَالْأَخَوَانِ يُرِيدَانِ أَخْذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُمَا إلَّا بِالْقَتْلِ فَالْقَتِيلُ هَدَرٌ لِأَنَّهُ صَائِلٌ وَإِنْ كَانَ عِجْلُ الْأَخَوَيْنِ، وَيُوسُفُ وَمَنْ مَعَهُ مُتَعَدُّونَ عَلَيْهِمَا فَهُمْ مُتَمَالِئُونَ عَلَى الْقَتْلِ يُقْتَلُونَ جَمِيعًا إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا قَاتِلَ غَيْرُهُمْ وَالْمُبَاشِرُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ وَلَا شَيْءَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ أَحْسَنُ مِنْ الصُّلْحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

أَقُولُ كَوْنُ الْعِجْلِ لِلْأَخَوَيْنِ لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُ السُّؤَالِ بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا فَسَقَطَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي وَمَا بُنِيَ عَلَيْهِ وَتَوَقُّفُ الدَّفْعِ عَلَى الْقَتْلِ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَيْسَ فِي السُّؤَالِ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ اللَّوْثِ يُعَيِّنُ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ شَخْصًا مِنْ الْمَتْهُومِينَ وَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَقْتَصُّونَ مِنْهُ إنْ شَاءُوا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا يُفْعَلُ فِي بِلَادِنَا فِي اللَّيَالِي كَاللَّيْلَةِ الَّتِي تُدْعَى بِلَيْلَةِ النَّجَّارِ وَكَلَيْلَةِ الْمِعْرَاجِ وَلَيْلَةِ بَنِي حَمِيلٍ وَلَيْلَةِ الْأَمِيرِ ضِرَارٍ وَلَيْلَةِ الْعَشْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ اللَّيَالِي الْمَشْهُورَةِ مِنْ اجْتِمَاعِ جُلِّ الْقَبَائِلِ وَلَعِبِهِمْ فِيهَا بِالْخَيْلِ فِي مَيْدَانٍ ذِي مَبْدَأٍ وَغَايَة مَعْلُومِينَ فَهَلْ إذَا ضَرَبَ أَحَدُهُمْ آخَرَ بِالْجَرِيدِ الْأَخْضَرِ الْمَجْعُولِ لَهُمْ كَالسِّهَامِ فَفَقَأَ عَيْنَهُ أَوْ كَسَرَ عَظْمَهُ أَوْ قَتَلَهُ يُقْتَصُّ مِنْ الرَّامِي أَوْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَحْدَهُ وَهَلْ إذَا أَصَابَ الْجَرِيدُ بَعْضَ الْحَاضِرِينَ لِلْفُرْجَةِ يَلْزَمُ الرَّامِيَ أَوْ الِاثْنَيْنِ الْمُتَسَابِقَيْنِ وَكَذَا مَا يَطْرَأُ فِي الْأَفْرَاحِ مِنْ ضَرْبِ الْبُنْدُقِ مِنْ قَتْلِ بَعْضِ النَّاسِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ وَضِّحُوا.

فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ هَذِهِ الْجَنَابَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ مُلْحَقَةٌ بِالْخَطَأِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّامِي إنْ بَلَغَ الْوَاجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَعْلَى وَإِلَّا فَعَلَيْهِ وَحْدَهُ وَنَصَّ الْمَجْمُوعِ وَضَرْبُ اللَّعِبِ بِآلَتِهِ خَطَأٌ انْتَهَى.

وَأَصْلُهُ فِي الْخَرَشِيِّ وَحَاشِيَتِهِ وَفِي نَوَازِلِ الْأُجْهُورِيِّ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُ مَالِكٍ وَمَشْهُورُ مَذْهَبِهِ فِي الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ إنَّ حُكْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>