للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَمْلَهَا أَسْلَمَتْهُ إلَى أَبِيهِ، فَإِنْ طَلَبَتْهُ بِنَفَقَتِهَا وَرَضَاعِهِ عَلَيْهَا حَتَّى تَفْطِمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِمْ لَهُ بِذَلِكَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ.

قَالَ مَالِكٌ الصُّلْحُ جَائِزٌ وَكُلُّ مَا شَرَطَ عَلَيْهَا جَائِزٌ إلَّا مَا اشْتَرَطَ أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ فَلَيْسَتْ تَرْجِعُ إلَيْهِ، فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كُلُّهُ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ مَا شَرَطَ عَلَيْهَا حَقٌّ لَهَا فَجَائِزٌ أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَيْهَا حَاشَا الرَّجْعَةِ اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ إسْقَاطِ الْحَضَانَةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي كِتَابٍ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْأُمَّ إذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِي الْحَضَانَةِ بِشَرْطٍ فِي عَقْدِ الْمُبَارَأَةِ أَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الْجَدَّةِ وَالْخَالَةِ وَقَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ يَسْقُطُ بِذَلِكَ حَقُّ الْجَدَّةِ وَالْخَالَةِ وَلَا كَلَامَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ) إذَا قُلْنَا لَا يَلْزَمُهَا إسْقَاطُ الْحَضَانَةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُسْقِطَ ذَلِكَ بِعِوَضٍ، أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَأَمَّا إذَا أَسْقَطَتْ الْحَضَانَةَ بَعْدَ وُجُوبِهَا فَذَلِكَ لَازِمٌ لَهَا وَسَوَاءٌ أَسْقَطَتْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ، أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ.

(الْخَامِسُ) إذَا أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ عَلَى أَنْ تُسْقِطَ حَضَانَتَهَا فَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهَا، وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ.

[قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ إنْ قَتَلْتنِي فَقَدْ وَهَبْت لَك دَمِي أَوْ فَقَدْ أَبْرَأْتُك]

(الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ) إذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ إنْ قَتَلْتنِي، فَقَدْ وَهَبْت لَك دَمِي، أَوْ فَقَدْ أَبْرَأْتُك فَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحْسَنُهُمَا أَنْ يُقْتَلَ بِخِلَافِ عَفْوِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا الَّذِي نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَذُكِرَ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّ أَبَا زَيْدٍ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لِسَحْنُونٍ وَنَصُّهَا: سُئِلَ سَحْنُونٌ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ: يَا لَيْتَنِي أَجِدُ مَنْ يَقْتُلُنِي فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَشْهِدْ عَلَى نَفْسِك أَنَّك وَهَبْتنِي دَمَك وَعَفَوْت عَنِّي، وَأَنَا أَقْتُلُك فَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَقَتَلَهُ فَقَالَ لِي قَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُنَا وَأَحْسَنُ ذَلِكَ أَنْ يُقْتَلَ الْقَاتِلُ؛ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ عَفَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَجِبْ لَهُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ لِأَوْلِيَائِهِ وَلَا يُشْبِهُ مَنْ قَتَلَ فَأُدْرِكَ حَيًّا فَقَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ عَفَوْت عَنْهُ، فَقِيلَ لَهُ، فَلَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهُ فَقَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَفْسٍ، وَإِنَّمَا هُوَ جُرْحٌ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>